مشاورات عميقة غير شكلية وغير تقليدية


دعوت وتمنيت لو اخذ السادة أعضاء مجلس النقابات المهنية الذين نحترمهم ونثق بوطنيتهم، بعين الاعتبار، التطورات الكبيرة التي حصلت وسبقت ورافقت، تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل الحكومة، حين قرروا المضي في الإضراب. وابرزها كتاب التكليف الذي تضمن خطة طريق ومشروعا وتقدما الى الإمام وثقة بقدراتنا الوطنية وبالمستقبل.
دعوت الى تعليق الإضراب وانا اعرف ان ثقة المحتجين المتظاهرين خاصة، وثقة الشعب عموما، بالحكومات، في ادنى مناسيبها. وأن غاطسها ليس في العمق بل على السطح.
دعوت الى تعليق الإضراب لأن الكل يعرف ان مجلس النقباء فيه تعددية هي تعددية طبيعية. وانه ليس حزبا شموليا برأس واحدة، يقول زعيمه نفّذ ولا تناقش. وأنه مضطر الى اخذ قراراته بالإجماع، وليس بالأغلبية، حفاظا على وحدة موقفه امام الرأي العام وأمام منتسبيه.
دعوت الى تعليق الإضراب، لأنّ في الوسع العودة اليه فورا، إن تبيّن ان الوعود التي صُرفت وأدت الى تعليقه كانت وعود شراء وقت او وعودا لم تكن صادقة ولا جادة.
دعوت الى ذلك بسبب 6 «كيات»:
* كي لا تتم المصادرةُ على المطلوب وكي لا يكون الحُكُمُ قبل المداولة.
* كي لا يقع الانشقاق المؤذي الذي وقع بين النقابات المهنية والنقابات العمالية والتجارية، من باب الحرص على وحدة الأطراف التي أسهمت في قيام حركة الاحتجاج الوطني المجيدة، المناوئة للفساد والجمود الذائدة عن العدالة الاجتماعية والمدافعة عن فقراء الوطن. حركة الاحتجاج الوطني المجيدة التي تدفعنا الى إعادة بناء حياتنا السياسية والاقتصادية، على أسس جديدة تكفل ان لا يتكرر ما أدى اليها.
* كي نُسلّف رئيسَ الوزراء الوطني الإصلاحي الدكتور عمر الرزاز، المعروف للكافة بالإنجاز والنزاهة والمسؤولية، وقتا مهما ضروريا، يدعمه نفسيا، ويمكنه من صياغة برنامج الحركة المطلوب القيام به، الذي يشمل مروحة من المشاورات العميقة الأساسية غير الشكلية، التي افترض انها ستستغرق من 7 الى 10 أيام وتشمل مجلس الامة والأحزاب والنقابات والمتقاعدين العسكريين والمدنيين ورجال الاعمال ومنظمات المجتمع المدني والقيادات الشبابية ...
ومشاورات اللياقة والنصح التي تشمل رؤساء الوزارات السابقين والجنرالات المتقاعدين والشخصيات الوطنية والاقتصادية ... ).
* كي يظل الإضراب وسيلة وليس هدفا بحد ذاته، او هدفا للارهاب الذي تجذبه وتغريه وتستهويه الأهداف الرخوة السهلة ذات التجمعات الإنسانية الكبيرة، كما حصل في فنادقنا عام 2005 وكما حصل في معظم دول العالم.
* كي نرحم ابناءنا منتسبي الأمن العام وقوات الدرك والدفاع المدني والمخابرات والاستخبارات ورجال المرور والسير وخبراء مكافحة الإرهاب والكشف عن المتفجرات ومكافحة المخدرات والامن الوقائي الذين يزيد عددهم على 100000 منتسب يتولون حراسة وحماية الإضرابات والمسيرات والاعتصامات في كل انحاء المملكة.
* كي نرحم أهلنا التجار والمواطنين الذين يسكنون بمحاذاة ساحات الإضرابات وشوارع المسيرات والاعتصامات، وخاصة قرب مجمع النقابات ومقار مجمعات النقابات في المحافظات، الذين لا يتمكنون من الخروج من منازلهم او العودة اليها الا بمشقة وفي غير الأوقات الطبيعية المعتادة.
ورغم كل ذلك، فان الرشد المتبادل بين أبنائنا المحتجين الذين حققت احتجاجاتهم الفوائد المرجوة منها وبين حماتهم رجال الامن الأردني بكافة تشكيلاته، يصبغ مجتمعنا كله بصبغة خاصة جميلة هي صبغة الوعي والمسؤولية والوطنية.