كل الأيام للقدس


جميل ورائع أن تخصص الامة يوما للقدس، لكن الأجمل والأروع.. ان تخصص الايام كلها للقدس..فما تتعرض له أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين من العدو الصهيوني، المدجج بالعنصرية والحقد والفاشية والكراهية، ومكانة القدس والاقصى في العقيدة الاسلامية، يستدعي ويفرض على الامة أن تضع القدس في اولى مهماتها، وفي اولى واجباتها، وعلى رأس اجندتها.. فعلا لا قولا..
ليس سرا ان القدس.. زهرة المدائن تتعرض لهجمة صهيونية شرسة لا مثيل لها، وهي الهجمة الأخطر في تاريخها منذ ان بناها أجدادنا اليبوسيون الكنعانيون، منذ ستة الاف عام، تستهدف اقتلاعها من جذورها من تربتها العربية الاسلامية..واخراجها من جلدها، وتغيير دمها العربي الطاهر، وضخ دم يهودي صهيوني في عروقها.. كريه فاسد نتن، رائحته تزكم الانوف..
ومن هنا..ونحن نستذكر فاجعة سقوط القدس قبل واحد وخمسين عاما، وتنطبع في ذاكرتنا صورة مؤلمة لا تبارحها، صور جنرالات العدو «دايان ورابين» وجنودهما، وهم يقتحمون قدس الاقداس، ويدنسون الأقصى وحائط البراق، والكارثة التي حلت بالامة كلها.. وربط الحاضر بالماضي في هذه الساعات الحالكة السواد، وما شهدته القدس وفلسطين من غزوات عبر تاريخها الطويل، ابرزها الغزوات الصليبية، ومصير هذه الغزوات، وهو ما يجعلنا نهتك اسوار التشاؤم والاحباط، موقنين بان مصير هؤلاء الصهاينة العلوج، لن يكون بافضل من مصير من سبقوهم من علوج الصليبيين الذين احتلوا القدس «100»عام، وخرجوا منها مدحورين... يجرون أذيال الهزيمة والعار..أذلاء على يد القائد البطل صلاح الدين...
وحتى لا نغيب في التفاصيل..
فلا بد من تسليط الضوء على مشهد القدس اليوم، على صورتها العربية المشرقة التي تجلت في شهر رمضان الكريم، وصورة الالاف المؤلفة من ابناء شعبنا وقد نفروا اليها زرافات ووحدانا، ليؤدون الصلاة في الاقصى المبارك وقد بلغ عددهم «250» الفا في الجمعة الثالثة من رمضان الخير..
ان اصرار شعبنا على زيارة القدس والمرابطة فيها خلال الشهر الفضيل، هو تأكيد على عروبة هذه المدينة، وتأكيد على أن شعبنا لن يفرط.. ولن يساوم على ذرة من ترابها الطاهر..
فالقدس..هي عنوان هذا الشعب، وعنوان وجوده، وعنوان وحدته..
والقدس هي عنوان هذه الامة الماجدة.. وعنوان وحدتها، وجوهر وجودها..وسر بقائها..
وهي مكون رئيس من مكونات عقيدتها، ما يفرض على الامة كلها النفير اليها لتحريرها من الاحتلال والرجز والدنس الصهيوني..كما يجمع علماء الامة..
لقد ارتبط حاضر القدس اليوم بالمرابطين والمرابطات، الذين يتصدون بصدورهم العامرة بالايمان، وبقبضاتهم القوية بالحق لجنود الاحتلال ولرعاع المستوطنين، ولقد استطاعوا بصمودهم وارادتهم الفولاذية، ان يفشلوا مخططات العدو، وأن يجبروا الارهابي نتنياهو على ازالة بوابات الاقصى الالكترونية في غضبتهم المشهورة في تموز العام الماضي..
هؤلاء المرابطون..الذين جعل الله شهيدهم بسبعين شهيدا كما يروى عن الرسول عليه السلام.. هم اليوم روح القدس.. هم مجدها الاثيل..ونورها الساطع الذي يبدد الظلام الصهيوني..وهم احفاد المرابطين الاوائل..احفاد الصحابة واحفاد عبادة بن الصامت الذي يرقد جثمانه الطاهر بالقرب من اسوار الاقصى، وهو احد النقباء الاثني عشر الذين باعوا الرسول عليه السلام، في بيعة العقبة الكبرى. وهم احفاد جنود الفتح.. احفاد جيش صلاح الدين..الذين تصدوا لكل الغزاة، وجعلوهم على راي شاعرهم العظيم «عابرون في كلام عابر»..
هذه الصورة الرائعة لقدس المقاومة.. قدس المرابطين والمرابطات اعادة الثقة للامة كلها، بأن هؤلاء الصهاينة الاوغاد المحتلين لن يمروا.. ولن يمروا.. مهما مارسوا من ارهاب وعسف وموت..وان ارادة الحياة للمرابطن ستنتصر..
ومن ناحية أخرى، فان هذا النفير الى الاقصى جاء وبهذه الحشود الكبيرة، وقد ضاقت بها شوارع زهرة المدائن، ردا على قرار ترامب العدواني الاجرامي باغتصاب القدس واهدائها الى قوم شيلوك، وما درى هذا الغبي الاحمق..المسكون بالفوقية والعنجهية وبارقام الشيكات وبعقلية القرصان، أن مصير قراره هذا سيكون كمصير قرارات الغزاة الذين دنسوا ارض القدس، والتي في النهاية لم تغير من الحقيقة شيئا، ولم تستطع أن تقتلع القدس من قلب شعبها، شعب الوفاء.. شعب الجبارين..
ترامب هذا كما اثبتت الوقائع، لا يرى أبعد من برجه في نيويورك، لا يعرف شيئا عن تاريخ القدس وفلسطين، وهو مسكون بحب الصهاينة، كيف لا.. ونشأة اميركا والكيان الصهيوني متشابهتان..فكلاهما قام على انقاض شعب أخر.. الصهاينة قتلوا الالاف المؤلفة من الشعب الفلسطيني دمروا مدنه وقراه «520» قرية، وارتكبوا اشرس وافظع المذابح لطرده من وطنه «اكثر من «100» مذبحة كما يقول الدكتور ابو ستة»، والاميركيون الاوائل قتلوا اكثر من «30» مليون هندي أحمر ليستولوا على اميركا ويقيموا دولة جديدة...مترعة بالامكانات والثروات الهائلة..
باختصار...
في ذكرى كارثة سقوط القدس.. نسأل ونتساءل؟؟..
متى تنهض الامة ودولها وتكون في مستوى تضحيات المرابطين والمرابطات؟؟
منى تصل الى قناعة.. بان السكين الصهيونية ستصل نحرها.. اذا انهارت القلعة الفلسطينية؟؟ متى؟؟
متى؟؟
Rasheed_hasan@yahoo.com