العتبات

العتبات

 

   غروب الشمس ، كان موعدا لنساء الحي ، للتجمع واحتساء القهوة والجلوس على عتبات المنازل ، ، للبدء بطقوس طق الحنك والنميمة ، أساسا كانت هذه تسليتهم الوحيدة وطريقة الترفيه عن أنفسهم .

 

  يبدا التجمع فور خروج "أم صبحي " وجلوسها على عتبة المنزل ، ليلتم حولها باقي النسوة ، لتبدأ كل واحدة من النساء ، بسرد ما لديها من أخبار ، ثم يتم التعريج للحديث عن  "أم صلاح" ، والاستفسار عن سبب الصياح المنبعث من منزلها ليلة أمس ، هذا التسائل يصنع لديهم عصف ذهني للوقوف على أسباب ذلك الصراخ والصياح . ويجعل كل واحدة منهن تشعر بأن لها رأي ووجهة نظر قد تكون هي الاسلم والأصح .

 

فمثلا " أم صبحي " تعتقد ان الصراخ بسبب قيام "أبو صلاح" بضرب " أم صلاح " "كتلة" مرتبة ، أما "أم رمزي" فاعتقادها يكمن في العكس ، "ام صلاح" هي من ضربت "أبو صلاح" ، لبصبصته على نساء الحي ، تعود " ام صبحي " لتعلق على حديث "ام رمزي" : والله معاك حق فعلا ببصبص ، هنا تعتدل "ام رمزي" في مجلسها وتغمز الحضور وتقول " زي ما بقلكم " .

 

تعارض " أم محمود" هذه الفكرة وتقول : صح ببصبص ، بس مش هيك ، الصراخ كان عشان بنتهم "سلمى" ، بقولوا سلوكها مش كويس ، وابني محمود شافها مع شب في المجمع .

 

هنا يتغير مجرى الحديث ، ويدخل في الحديث عن الأعراض ، وتبدأ الوشوشة والوتوتة ، وتنخفض الاصوات ، ويبدأ الغمز والهمس واللمز ، تحذر احدى الموجودات البقية من اقتراب طفل ، فيتغير مجرى الجديث لتقول "ام صبحي" ، الله يستر علينا ، بابتعاد الطفل وخلو الاجواء ، تعود " أم محمود" لتدلل على ما قالت ، " ما بتشوفوها طول نهارها عالسطح وعالتلفون " .

 

في هذه الأثناء يعرى حتى الجد السابع " لسلمى " ، وتتبعثر آخر ذرة كرامة وشرف لعائلة " أم صلاح " ويوضع في الذمم ما لا يمكن ان تتحمله ، وتبهر الأحاديث وتملح .

 

في نهاية الجلسة ، تردد النسوة عبارة واحدة " الواحد ما بدو يحط بذمته ، الله يستر على الناس ، وكلنا عنا بنات " وتعود كل واحدة الى بيتها .

 

بعد أيام يتبين بأن صوت الصراخ والصياح ، كان بسبب ضبط " صلاح " وهو يدخن

 

لا ادري لماذا ذكرتني بعض دعوات الاصلاح ، "بأم صبحي " ومجموعتها ؟!

 

ربما لانهم يتشاركوا في حديث العتبات .

 

 

 

المحامي خلدون محمد الرواشدة

Khaldon00f@yahoo.com