الكرك ما تُريده في عُجالة المُمتطي صهوة الجواد
الكرك ما تُريده في عُجالة المُمتطي صهوة الجواد
لم أفرغ بعد من كتابة خاطرة عن زهرة المدائن / القدس وأسبوعها الحادي عشر في محافظة الكرك لأنتقل مُباشرة لأحاول أن أجمل مطالب محافظة الكرك في عُجالة لضيق الوقت حيث أننا في الكرك ننتظر مُفاجأة الإعلان عن حُزمة مكارم ولو أننا بتنا في الوطن لا نطيق سماع مُصطلح مكارم فالحقوق حقوق وحاجات الناس أولوية قِصوى في دول تحترم حقوق مواطنيها.
المهم أننا نبدأ بالمُفتتح السياسي، فمفتاح حل جميع المشاكل في الوطن هو الإصلاح السياسي ولا بد أن نُشير إلى عِشق الكركية للسياسة والعمل الوطني الذي يتعدى كونه ترف ثقافي وإنما إرث تاريخي حضاري توارثته أجيالهم، ولذلك لمن يُريد أن ينال رضا الكركية أن يبدأ بالإصلاح السياسي الشامل الحقيقي، وفي هذا السياق وفي سياق التصاق الاجتماعي مع السياسي أن العشيرة لم تعد اللبنة الأساس في تكوين المجتمع ولم يعد شيخ العشيرة يأمر فيُطاع أو حتى يتكلم فيُسمع وخصوصا شيوخ تم تعينهم من قِبل المحافظين وبعضهم بقرارات من عمان وليس كل من لَبس العباءة والحطة والعقال ينطق باسم الناس ويمثلهم أمام الدولة والجهات الرسمية والغير رسمية وكذلك أعيان المحافظة المعينين في عمان والفاقدين لكل أنواع التواصل مع حتى اقرب أقربائهم في الكرك، وما النواب بأحسن حالٍ من شيوخ العشائر أو الأعيان ولا حتى الوزراء في تركيبتهم ثلاثية القِدر وخلفياتهم الثقافية والحزبية فكل من سبق ذكرهم هم صناعة حكومية بامتياز، وليس فيهم جميعاً نائباً بمستوى د.رياض النوايسه ورحم الله دليوان المجالي و حسين باشا الطراونه فقد كانوا يُحسب لهم حساب في عمان و يُطاعون في الكرك وبعد ونفسٍ وما سواها أبدأ بسم الله:
أولاً- الوضع البيئي في المُحافظة مُتردي وسببه الخلل السياسي والاقتصادي حيث أتت سياسات الخصخصة على جميع مصادر الدخل في المحافظة وقدمت شهادة وفاة المُحافظة على طبق من فِضة للشريك الاستراتيجي والمستثمرين وحينما يكون المُستثمر مُهتماً بأرباحه وجدواه الاقتصادية يُهمل ما قد ينتج عنه من ضرر يُلحقه بالآخرين فطبع المستثمر أناني، وقد نتج عن التعدين الجائر في الصناعات التعدينية المُخصخصة (أسمنت، بوتاس، فوسفات، صخر، زيتي) إلى جدب في مصادر المياه وتلويثها والهواء معاً فلم نعد نتنفس هواءً نقياً ولا نشرب ماءً سلسبيلا وخاصة أن الجزء الأكبر من مياهنا الجوفية يُضخ بأنابيب إلى عمان، فجفت عيون المياه وأجدبت أراضينا الزراعية وصار الكركية عطشى كأرضهم كالعير يقتلها الظمأ والماء على ظهورها محمول، ولابد من الإشارة تلميحاً إلى المستوى الإشعاعي المُرتفع بسبب التعدين الجائر من جهة وبسبب تعدين اليورانيوم والتنقيب عنه ومن منا لم يُفجَعْ برفيق أو قريب وحتى حبيب مات بسبب السرطان وفي هذا نحن شركاء مع محافظتي الطفيلة ومعان والمطلوب وضع حد لهذا التدهور بشكل مؤسسي وفوراً.
ثانياً- الوضع التربوي والثقافي- إذ أن محافظة الكرك ليست بأحسن حال من المحافظات الأخرى وابدأ بالثقافة حيث تتدخل الدولة في تنصيب قادة فكر وقادة الحركة الثقافية من المرضي عنهم لدى جهاتها الأمنية فصار المُثقف في خدمة الشرطي ومُنع القطر عن المثقفين الحقيقين فلا هُم يُسمعوا ولا هم معنين بالحركة الثقافية وتحولت الثقافة إلى تهريج وتعاليل وتنفيعات لِبعض أعلامها وأقطابها وليس الوضع التربوي بأحسن من الثقافي والانحطاط إذا أصاب أمةً فانه لا يترك زاوية من زوايا الحياة لتصمد أمامه، فوضع المعلمين وكذلك المدارس بائس والمناهج تم العبث فيها لتعبث بعقول ونفوس أبنائنا وفلذات أكبادنا فانتشرت الرذيلة والمخدرات والجريمة والعنف المجتمعي وخلال العامين المنصرمين قُتل في مُحافظة الكرك ما يفوق عدد شهداء الأردن في إحدى معاركه الكُبرى ويكفي أن تسير في شوارع المحافظة وخصوصا في شوارع المزار ومؤتة الخَربةِ لتلحظ أن الدولة مفقودة وفي حال فشل تام والطريق العام يُغلق لأتفه الأسباب وحتى بسبب سائق باص أو بك أب أو سيارة تافه لم يتربى ولم يتعلم في المدرسة أن بلاد العرب أوطاني وأن وطني لو شُغلت بالخلد عنه نازعتني إليه بالخلد نفسي....وكم تحتاج إلى أن تكون مُسلحاً لتنجو بنفسك وربما بمرافقيك من أهلك من بعض المواقف!، فالأمن مُختص فقط في الحفاظ على الخطوط الحمراء والصفراء والبرتقالية ولا وجود لرجل السير في شوارعنا وأن وِجد فهو مزاجي يُخالف ذاك ويترك هذا والأساس تحرير المُخالفة لا الحفاظ على قواعد السير والسلامة في شوارعنا وعلى طرقاتنا ورؤساء بلدياتنا ومجالسها يغطون في سُباتٍ عميق فلقد رضي عنهم الوزير في عمان وليذهب المواطن لينطح صخرةً خيراً من أن يُراجع بلدية أو دائرة حكومية فالموظفين في الغالب في أوقات الدوام الرسمي يتابعون أعمالهم الخاصة ويقودون الميكروباصات وما أدراك ما (الكيا و الهونداي) والويل لمن أنتقد مواقف الشبيحة والبلطجية.
ثانياً- الوضع الصحي- يكفي أن تأخذ إحصائية لعدد الذاهبين من بيوتهم إلى المستشفى الحكومي والمستشفى العسكري إلى نسبة العائدين منهم إلى أهليهم وكذلك نسبة الداخلين إلى غرف العناية المُركزة إلى الخارجين منها بسلام وباختصار شديد الداخل إليها مفقود والخارج مِنها مولود ويكفي أن تمُر على ردهات المستشفيين في أيام السبت وخاصةً صباحاً لتجد المراجعين من كل حدبٍ وصوب هذا يصيح وذاك يبكي ويلطم حظه والكل يبحث عن واسطة ويوم الخميس حيث يُغادر الموظفين والأطباء مواقع عملهم قبل انتهاء الدوام بساعات ويأتون إلى دوامهم متأخرين وخصوصا يومي الأحد والسبت، والمراكز الصحية حدث ولا حرج، وحاجة المحافظة وخاصةً في المزار ومؤتة لمستشفى عالي التجهيز ومستشفى طوارئ على الطريق الصحراوي تفوق كثيراً حاجتنا إلى ابنية ضخمة وعملاقة من الحجر الأبيض والرخام كالقلاع لما يُسمى قيادات الدرك وعسكرة الصحراء وكم يقول قائلاً أن الجنود يُمكن أن يعسكروا بالخيام ليخشوشنوا ويتدربوا بعيدا عن الظروف الفندقية ليستعدوا ليوم اللقاء مع الأعداء في حالة انسجام مع تطلعات الشعب في الدفاع عن الوطن والمواطن لا أداة قمع وحُراس لأستثمارات الشريك الاستراتيجي من خطر صحوة الشعب ليبقوا الأردنيين في جميع محافظاتهم كالأيتام على مآدب اللئام!.
رابعاً- البطالة والفقر وغياب مشاريع التنمية – لقد أتت الخصخصة على الكثير من فُرص التوظيف وبيعت شركاتنا التعدينية دون أن نُستشار في شيء وبطريقة علي بابا وحكومات الخصخصة ولم نعرف من باع ومن اشترى وربما البائع والشاري هما واحد ولم نعرف كم دفع ومن أستلم وكيف أن ثروات البحر الميت على سبيل المثال لا الحصر وامتياز التعدين فيه بيع بمبلغ زهيد لا يُساوي سعر يخت من يخوت أمراء العرب والبحر الميت لمن لا يعرف يسميه الروس ببحر الحياة وبجدول مندليف (الجدول الدوري) أي أنه يوجد فيه خامات جميع العناصر في الجدول الدوري ومعلومة حصلت عليها من أحد خبرائهم أن البحر الميت يحوي من الثروات الطبيعية ما يفوق الموجود في الأمريكيتين! ...فأصبح المستثمر والشريك الإستراتيجي يلوثان البيئة ويقلصان فرص التشغيل والقيام بدور التنمية للمنطقة والمحافظة، فزاد الفقر وارتفعت نسب البطالة إلى حد لا يستوعبه العقل لتأتي الحكومة وبمكارم وكما هو دارج عندنا حيث تُدار الدول بالبركة لتحل مشاكل البطالة بالتجنيد في سلك الجهاز الأمني والدرك لنصبح مُجرد حُراس على استثماراتهم ومن أراد أن يحل مشكلة البطالة في المحافظة وفي المحافظات الأخرى فما عليه إلا أن يُراجع نفسه في عملية الخصخصة، والبطالة تُعالج ببرامج تنموية لا بعسكرة المجتمع خدمةً للشريك الأستراتيجي الحقيقي والوهمي وخدمةً لأنظمة حكم الجوار ضاق المواطن هناك ذرعاً بها ولم يعد يحتمل استمرارها، فالمطلوب وكعجالة إنشاء صندوق للتنمية والطوارئ يتم إدارته من قِبل لجنة من أبناء المحافظة المخلصين وتُساهم فيه الشركات التعدينية الكبرى ب5% من أرباحها كحد أدنى في البداية.
خامساً- جامعة مؤتة- لقد هَرمت جامعة مؤتة وشاخت دون أن تمر بمرحلة الشباب فتراجعت ماديا ومعنويا وانسلخ عنها بولادة قيصرية صعبة ثلاث جامعات ونقص عدد الطلاب فيها من 28000 إلى 13600 طالب وتأثرت المنطقة والاستثمارات بهذا النقص، وتسربت كوادرها وأعني الكوادر الإدارية والفنية قبل الكوادر التدريسية وازدادت مديونيتها الخارجية على 17 مليون دينار عدا عن ديونها الداخلية لصناديق الموظفين والصناديق الخاصة وتراجع مستوى التعليم فيها ومستوى الموظف ومستوى المواطن في الكرك حيث أن الجامعة هي الجهة الوحيدة المتبقية للكرك من الخصخصة وموظفيها هم العمود الفقري للاقتصاد والطبقة الوسطى والاستقرار في المحافظة ولأسباب كثيرة منها أن مجلس أمناء الجامعة لا يصلح لقيادة الجامعة في هذه المرحلة وأن الجامعة باتت بحاجة لإصلاح مالي وإداري عاجل وبحاجة لكف أيدي المتدخلين في التعيينات في الدوائر الإدارية والكليات والأقسام وان تنتهي التعيينات في المواقع على أساس العشائر وتصنيفاتها كبرى وصغرى وحسب من في العشائر من مسئولين في عمان وإذا كان للعشيرة نائب أو وزير أو عين أو موظف في الديوان الملكي أو الدوائر الأمنية المختلفة وهي كثيرة أكثر من بؤس أوطاننا فابشري عشيرة فلان فلقد أفاق أبنك الموظف في الجامعة ليلة القدر وقُسم له من الحظ بالقسمة الضيزا ما لم يحلم به.....والنتيجة أن الجامعة تحتضر وكما صرح رئيسها مشكورا من قِبل أبناء المحافظة كافة على شفافيته في هذا ليستفيقوا قبل فوات الأوان وقبل أن يأتي المستثمر والشريك الاستراتيجي ويفوزا فوزاً عظيما بالبيت والإبل ولا يضرهما لو أوسعهما الكركية شتما أو حتى لو أطال البعض منهم اللسان فالمحاكم الاستثنائية متوقفة لأشعارٍ آخر،.......لم يتقبل الناس في الكرك ولا الموظفين في الجامعة ولا حتى الطلاب فكرة نقل الجناح العسكري واستنكر الناس جميعا وما زالوا هذه الفكرة الشيطانية ولا يُخفون مخاوفهم وتحفظاتهم على فكرة تحويل الجناح العسكري إلى كلية أمنية – مُعسكر درك في المحافظة في مؤتة خالد بن الوليد وجعفر الطيار وعبدالله بن رواحة ومؤتة الفتح الأول، فالجامعة بحاجة الآن وليس غدا إلى إقرار الآتي وفوراً :-
1- سداد مديونية الجامعة كاملة دون تسويف ومماطلة من الحكومة وتوفير مبلغ مالي مُحترم لتقوم الجامعة بالانتعاش والتطور وفتح كليات ضرورية وتخصصات جديدة مثل طب الأسنان والصيدلة والهندسة المعمارية وهندسة النانو والهندسة النووية لحاجة هذه التخصصات في المحافظة والمنطقة والوطن العربي ولكون هذه التخصصات جالبة للطلبة وتُدر مداخيل مالية للجامعة تمكن من الاعتماد على الذات في المستقبل.
2- الرجوع عن قرار نقل الجناح العسكري وتطويره ليُصبح منارة جذب للطلاب من العالم العربي والخارجي وأن يُغَلَب الطابع العسكري على الطابع الشُرطي ويقوم الجيش بسداد ما يترتب عليه من نفقات للجامعة دون تأخير.
3- إتخاذ قرار فوري مُلزم بإنشاء مستشفى تعليمي عملاق بحجم مستشفى الجامعة الأردنية ومستشفى الملك عبدالله في إربد ويكون تابع لكلية الطب في الجامعة ويُقدم خدماته للمواطنين في المحافظة والمنطقة وللأخوة الوافدين العرب.
4- حل مجلس الأمناء الحالي لعدم صلاحيته وفعاليته، والأفضل أن لا يتم تعيين مجلس أمناء وأن تُدار الجامعة بمجلس محلي من أبناء المحافظة من داخل المحافظة وإغلاق مكتب الارتباط لارتفاع تكلفته المالية وعدم الفائدة والجدوى من وجوده في عمان والجامعة في الكرك وإصدار توجيهات مُلزمة بالإصلاح الإداري والمالي في الجامعة لتكون بداية نهوض من جديد لجامعتنا العزيزة وإلغاء كافة أنواع المكارم في ابتعاث الطلاب فلا يجوز أن تتحمل الجامعة المرهقة وحدها تكاليف هذه المكارم والأولى أن يكون المواطنين سواسية والتعليم للجميع حق رباني.
5- تحسين أوضاع العاملين في الجامعة واستيعاب الكفاءات منهم في العملية التدريسية وفي تطوير الجامعة وإقرار نظام رواتبهم وهيكلتها مع مراعاة ظروف الكوادر الإدارية والاكاديمية وظروف المعيشة الصعبة.
سادساً- إنشاء مطار مدني لنقل البضائع والركاب والترانزيت في المحافظة ليكون لبنة أساس في البنية التحتية للاستثمارات في المنطقة لما للمحافظة من موقع متوسط في المنطقة والمملكة وإنشاء خط سكة حديد من الخط الحديدي وحتى الكرك وحل مشكلة الأراضي الأميرية والواجهات العشائرية بشفافية وحفر آبار ارتوازية في مختلف مناطق المحافظة وإعادة توزيع الأراضي كوحدات زراعية مروية بواسطة هذه الآبار وإلغاء تراخيص الآبار الخاصة أو فتح المجال للجميع بترخيص أبار جديدة للمساواة بين المواطنين في المحافظة.
وأخيرا هذه بعض مطالب الناس في محافظة الكرك ولا يوجد مُتسع لما هو أكثر وأرجو أن تجد من يعي ويسمع، وللتذكير فأن الكرك لا يرضيها الوعود ولا تنطلي عليها سياسات طماطمة السلطات وطريقة الجاهات والعطاوي في حل مشاكل اقتصاد وسياسة ومجتمع، ومستقبل أجيال قادمة مرهون بقرارات اليوم فلن نُطأطئ الرؤوس هزا بالموافقة ولن نقتدي بتنابلة السلطان....أيها الكركيون لا أراكم إلا كما جدكم النعمان فأحدكم لا يرضى أن يخرج عن دنياه كُلها فيما يُكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذكر فلا تنخزلوا أمام من كان إنخزال الخاضع الذليل....كونوا كأكثم بن صيفي فأحق الجنود بالنصر من حسنت سريرته واعلموا أن أفضل الأشياء أعاليها، وأعلى الرجال ملوكها، وأفضل الملوك أعمها نفعاً، وخير الأزمنة أخصبها، ومن فسدت بطانته كان كالغاص بالماء وأفضل الخطباء أصدقها،الصدق منجاة، والكذب مهواة، والشر لُجاجة، والحزم مركب صعب ورب قولٍ أنفذ من صول.
عاشت الكرك وعاشت محافظات الوطن كلها من سهل حوران وحتى الدِّرة مرورا بالوسط بالزرقاء ومادبا والسلط وحمى الله الأردن وشعب الأردن من كل سوء.
د. م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com tel:0795482538