رمضان وتأخير الرواتب في القطاع الخاص


اتصالات وشكاوى تصل من مواطنين كرام من العاملين في القطاع الخاص يطالبون الحكومة، أو أي جهة معنية، بضمان حصولهم على دوام رمضاني في أعمالهم على غرار دوام موظفي القطاع العام. فبلاغ رئيس الوزراء حدد الدوام من العاشرة صباحا إلى الثالثة بعد الظهر، لأن بعض القطاع الخاص له رأي آخر ودوام آخر فيه ساعات أكثر، ويبدو معه موظف القطاع العام مدللا.
وما تحدث إلي عنه بعض المواطنين ليس فرق ساعة، بل أحيانا دوام طويل لا يختلف كثيرا عن دوام الأيام العادية، ومن دون مراعاة من بعض أصحاب العمل لطبيعة شهر رمضان وخصوصيته، أو أزمات المواصلات التي تزيد في رمضان، وبالتالي تكون هناك معاناة للموظفين.
ليس المطلوب حالة كسل أو تباطؤ في العمل أو ظلم يلحق بصاحب العمل ومصالحه من العمال الصائمين، لكن مراعاة خصوصية الصيام، بخاصة ورمضان هذا العام يأتي في ذروة الصيف وحرارته التي تؤثر على الإنسان من دون صيام، فكيف بشهر الصيام؟
أما الأمر الآخر فليس مرتبطا بشهر رمضان، لكنه خاص ببعض القطاع الخاص، وهو تأخير إعطاء الرواتب للعاملين. وأحيانا لا يتسلم العامل والموظف راتبه إلا في منتصف الشهر، وأحيانا يتم تقسيط الراتب على شكل سلف وأقساط، أي لا يدخل إلى جيب الموظف مرة واحدة.
هذه الحال غير السوية وظيفيا وقانونيا تسبب إرباكا للموظف الذي يواجه التزامات شهرية لا تنتظر، مثل أجرة البيت والفواتير فضلا عن احتياجاته اليومية. وليس معقولا أن يتحول الراتب وكأنه صدقة تعطى للموظف على دفعات. وإذا كان الراتب 200 دينار مثلا، فإن تقسيمه إلى 20 دينارا دفعة، و50 دينارا أخرى دفعة، ليس أمرا يحفظ للموظف كرامته. وأي صاحب عمل من المؤكد أنه يربح ما دام عمله مستمرا، ولهذا يستطيع تنظيم أموره بحيث يحصل الموظف على راتبه بشكل كريم وفي أوقات منتظمة تمكنه من تسديد التزاماته الشهرية والعيش بطريقة منظمة وكريمة.
هنالك قطاع خاص أردني واسع منظم وإيجابي، ويقدم للعاملين فيه امتيازات وظيفية جيدة، ويلتزم بالقوانين والأنظمة. لكن حتى القطاع الخاص الذي يسبب للعاملين فيه قلقا وظيفيا أو عدم انتظام في دفع الرواتب، فإن عليه أن يدرك أن هذا ينعكس على ولاء وجدية العامل، وكلما كان الموظف مرتاحا ومنصفَا ويعمل من دون قلق أو ظلم فإنه يقدم أكثر وأكثر. وهذا ما تطبقه كل فئات القطاع الخاص في العالم التي تنصف موظفيها، لكنها تأخذ مقابل هذا من العاملين فيها ومعها جهدا كبيرا وإنتاجية عالية وانتماء للعمل، ولا تبقى عيون الموظفين تتطلع إلى خارج الشركة والمصنع تبحث عن عمل بديل وفرصة أخرى، حتى لو كانت تجلب للعامل خمسة دنانير إضافية، أو على الأقل انتظاما في دفع الراتب أو ساعات عمل معقولة ووفق أحكام القانون.
لن نتحدث عن رقابة الجهات الرسمية لأننا ندرك أن وزارة العمل لا تملك الكوادر الكافية، ونعلم أن الرقابة تضعف أحيانا أمام أساليب الالتفاف على القانون من البعض، ونعلم أيضا أن الموظف الذي لا يملك بديلا عن وظيفته ليس معنيا أن يخوض وحيدا معركة مع صاحب العمل إذا لم يجد مساندة وحماية من الحكومة أو النقابة المعنية.

sameeh.almaitah@alghad.jo