إلى أبـي المعطاء مع الإعتراف بالتقصير

      إلي نخلة العطاء التي ما كلت ولا ملت من العطاء بسخاء، إلى من جعله الله سبب وجودي... إلى القامة الشامخة بكبرياء، إلى من تشرف إسمي بأن يرتبط بإسمه للأبد، إلى من ارتفعت أسهمي منذ ولادتي بين الناس بفضل سمعته الطيبة وأخلاقه السامية، إلى الحضن الدافئ إلى القلب الحنون إلى سعة الصدر... إليك أبي أهدي هذه الكلمات التي تفيض حبا وشوقا لرؤياك، إلى من جمع كل معاني الوفاء أتقدم بالشكر الجزيل وهذا أبسط شيء أقدمه لك بعد كل ما فعلته من أجلي أنا بالذات زيادة عن كل إخواني وأخواتي  إليك أعتذر لأنني أرى نفسي قد أخطأت وقصرت فأنت عالم من الرحمة وأنا قمة بالقسوة والعناد، فاعذرني يا أبي وأسمح لي أن أهمس إليك بعد أكثر من أربعة عقود من جهادك وكدك وتعبك وكفاحك من أجلنا الذي ما زال مستمرا إلى اليوم، أقول لك يا روحي بك تحلو الحياة وتتحطم أحزاننا بقربك وفي أحضانك الدافئة الصادقة... يا من كانت نصائحه لي كالجواهر والدرر النفيسة التي تضيء دربي وتنير طريقي... يا من أعطاني الأمان والحب بإهتمامه بي وخوفه علي ... آه كم تشتاق روحي وتهفو نفسي لرؤياك … إن القلم عاجز عن التعبير عن حبي وشوقي لك ... يا من أغدق علي وعلى إخواني وأخواتي بالعطاء دون أن ينتظر المقابل أبدا يوما ما، إلى من لا يزال يخاف علينا كأطفال لا يعرفون مكان البيت جيدا إن تأخرنا، إلى المعطاء الذي خرج من بيته أكثر من عشر جامعيين بمختلف التخصصات من بنين وبنات، إلى الضابط المنضبط الذي علمنا معنى الدقة والصدق والإلتزام بالمواعيد وأسقانا حب الوطن وصدق الإنتماء وقبله الإيمان وحسن الأخلاق... إلى أبي الطيب الحنون أقول أنا لم أتناساك يا قلبي كما يدعي مازحا أخي الأصغر ولكن الحدث ألزمني الحديث والإعتذار من شريكة دربك والملاك الحنون أولا، أرجو الله أن يديمكما وفق رأسي ما حييت وأن يطيل بأعماركما ويزينها بطاعته جل وعلا، لهذا كان لزاما مني أن أتقدم منك بعد أمي الحنون بالإعتذار لتقصيري المجحف بحقك يا قدوتي الأولى منذ نعومة أضفاري وحتى اشتد وقوي عودي، ولكني حائر عن أي شيء أعتذر فالأخطاء كثيرة ومتعددة ولكنني موقن تماما أن قلبك الطيب قادر دائما على التسامح والمغفرة، أبي أعرف أنني كنت أتشاقى عليك وأتدلل عليك لهذا كانوا يتهمونك دائما بأنك أفسدتني بدلالك الزائد ولكن ولله الحمد ولأنك ربيتنا وأمي على الإستقامة لم أفسد كما قالوا ... أستحلفك بالله هل طرق يوم أحدهم الباب شاكيا مني يا أبي الغالي؟!... حتى مع كتابة هذه الكلمات وهذه الهمسات الندية الموجهة إلى أغلى البشر ما زالت أتحدث بنبرة المدلل أليس كذلك يا أبي؟!... ألا يحق لي ذلك يا أبي ويا أخي ويا صديقي ... كم كنا وما زلنا نتبادل المزاح أنا وأنت والذي لا تتبادله مع أحد غيري أبدا ... وأهلي إن أرادوا شيئا منك ألم يكونوا يتوسطوا عندي لكي أقنعك به ...مع أنك رقيق مع الجميع وحازم في وقت الحزم ولكن نادرا ما كنا نراك حازما؛ لأن الحنان الجارف كان يغلب على تصرفاتك المتزنة، ولكنهم يعرفون المكانة الخاصة لي عندك وأسلوبي المختلف بالتعامل معك.

      أبي الغالي أيها الحاني لم ولن أجد من يتجاوز عن زلاتي وأخطائي بعد الله سبحانه وتعالى مثلك، لم أجد في هذه الدنيا طولها وعرضها من يقابل الإساءة بإحسان والتهور بحكمه كما تفعل أنت، لهذا فإنني أوجه وأرسل إليك من غربتي التي حرمتني إطلالة وجهك القمحي المنير هذه الكلمات وأنا أشعر أنني غارق في الخجل والتقصير، فأرجو منك أن تتقبلها يا صاحب القلب الكبير، فهذه رسالة إعتذار وشكر وتقدير وعرفان صريحة وواضحة وعذرا على بساطتها مرة أخرى ولكن ما ذنبي إن كان شعوري تجاهك أعظم من كل الكلمات؟!.

      والدي الطيب لا يسعني في نهاية رسالتي هذه إلا التوجه بقلب صاف كقلبك الكبير للمولى جل جلاله بالدعاء والرجاء بأن يعينني على برّك وأمي ... وأسأله تعالى أن يحفظكما وأن يديم عليكما نعمة الصحة والعافية لتبقيا شمسا وقمرا تنيران وتزينان دنيانا، وأن يعينكما على تقواه وجميع آباء وأمهات من يقرأ هذه الكلمات إنه ولي ذلك والقادر عليه... أحبك أبي.   

 

Abomer_os@yahoo.com