أسباب لا تراها الحكومات !

 تداولت الحكومات عشرات البرامج والإجراءات لمكافحة البطالة ، والنتيجة أن معدل البطالة لا يتزحزح بل إنه يرتفع حتى وصل إلى 18 ، %وهو يعني بالضرورة تراجع معدل النمو الاقتصادي ، بينما تنحو وزارة العمل باللائمة في أسباب البطالة على العمالة الوافدة.. ليس صحيحا أن العامل الوافد يختطف من الأردني واحدة من وظيفتين يولدهما الإقتصاد , لأن الوظائف التي يشغلها الوافد لا يشغلها أردني ولا يقبل عليها. فعلت وزارة العمل كل ما بوسعها لتوطين بعض المهن , بمعنى حصرها بالأردنيين فقط وحظرت 19 مهنة على العمالة الوافدة وهو ما يفسر إرتفاع الأجور في هذه المهن وبقاء معظمها شاغراً لأن أحدا لم يتقدم ليشغلها من بين الأردنيين. لم تعد وزارة العمل لتخبرنا ما إذا كانت الوظائف في المهن المغلقة شغلت بأردنيين وما إذا كانوا محترفين وما إذا كان أرباب العمل راضين أم أنهم سلموا بالأمر الواقع. بعض دول الخليج العربي جربت إغلاق مهن محددة في وجه العمالة الوافدة وأطلقت لذلك برامج بمسميات عديدة مثل السعودة في المملكة العربية السعودية ووضعت دول أخرى خططًا لتسريح آلاف العمالة الوافدة كما في الكويت لكن التجربة حتى الآن عادت على تلك بنتائج سلبية , لأن المشكلة لم تكن في العمالة الوافدة بل بالبديل الذي سيحل في محلها من العمالة الوطنية ومدى قدرته على ملء الفراغ. هذه دول غنية تستطيع أن تتحمل كلفة خطأ التجربة وتستطيع أن تمول عمالتها الوطنية الى ما لا نهاية , لكن المسألة بالنسبة للأردن مختلفة كليا , لأن خطأ التجريب لا يمكن تعويضه لذلك فإن كل خطوة يجب أن تكون محسوبة وكل قرار يجب أن يكون مدروسا. بعض التوقعات في سوق العمل فيها مبالغة, مثل توفير فرص عمل بالآلاف للأردنيين عبر برامج التشغيل والتوظيف وهو شعار غير واقعي لا تعكسه معدلات البطالة وهي أكثر واقعية حتى توقعات وثيقة الأردن 2525 بتراجع معدل البطالة الى 9 %مع نهاية السنوات العشر القادمة بحاجة الى مراجعة. ما من حكومة إلا ووضعت البطالة في صدر أولوياتها وما من حكومة إلا وعانت من زيادة في معدلات البطالة لأنها لا تريد أن تقتنع بأن البطالة ليست في المهن وأن كل المسوحات وصلت الى هذه النتيجة التي لسبب أو لآخر لا ترى أسبابها الحكومات.