كلام في الصيام
كلام في الصيام
ها قد انقضى ما يقرب من ثلث شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار , الشهر الذي من صامه ايماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه , الشهر الذي اقترن صيامه بالصحة ( صوموا تصحو ) ,الشهر الذي تُضاعف فيه الحسنات واجور الطاعات اضعافاً مضاعفه , شهر الصدقات والشعور لمن يملك مع من لا يملك قوت يومه , شهر صلة الارحام , شهر غض البصر وحفظ اللسان .
والسؤال بعد انقضاء العشر الاول , والتي فيها الرحمه , هل حققنا غايات الصيام , هل كان صيامنا في حقيقته جوهرياً ام مظهرياً , اي هل وقر في قلوبنا اننا نصوم ايماناً واحتساباً ؟ وهل كانت ممارساتنا تحقق هذه الغاية ؟ اذا كنا كذلك فصيامنا عباده صادقه وليس عاده .
اما وللاسف ما نراه من ممارسات على ارض الواقع لا يحقق غاية الصيام التي ذكرناها , فطقوس الصيام انقلبت رأساً على عقب , فالمقاهي والكوفي شوبات والخيم الرمضانية تعج بالشباب الذين يمضون جُل ليلهم بشرب الاراجيل ولعب الورق , على انغام القدود الحلبية , اومتابعة المباريات , بدل قراءة القرآن والصلاة والتسبيح وزيارة الارحام .
اما الأسر في البيوت فنهارهم موصول مع ليلهم في متابعة ست النكهات واخر الطبخات واخر المسلسلات , ورامز الذي اصبح طقساً رمضانياً يتابعه الكبار قبل الصغار . اما الاطفال فشهر رمضان شهر الانطلاق واللعب واللهو في الشوارع حتى السحور .
وتشاهد العجب عندما تقودك الاقدار لانجاز معاملة في دائره حكومية , فأنت في رمضان زائر غير مرغوب فيه, وتعبير الوجوه يغنيك عن القول , خاصة اذا كان الموظف مدخناً , فنسبة الانجاز تنخفض اكثر من النصف .
وما تسمعة من الفاظ نابية وتشنج عند حصول مشاده على موقف سخيف بين طرفين على اعتبار انهما صائمين .
اما الاسواق تعج بمرتادِيها لشراء ما لذ وطاب من صنوف الطعام والشراب , وتشعر انه ليس شهر صيام بل شهر اكل .
هل هذا المطلوب في رمضان ؟ ما نراه من ممارسات يظهر ان شهر رمضان ليس شهر طاعة وعباده وانما , طقوساً ابتدعناها ابعدتنا عن حقيقة الصيام واهدافه , فهو يزورنا كل عام ليهذب سلوكاتنا وطباعنا للافضل , وهو فرصة لاستغلال ايامه المعدودات بالتقرب الى الله , وتمثل سنة نبيه . لقد بقيت ايام المغفرة والعتق من النار , نسأل الله لنا ولكم قيامها وصيامها بما يرضي خالقنا ( الصيام لي وانا اجزي به ) . بورك بأعماركم واعمالكم وسدد على طريق الخير خطاكم , وفرّج كروب امتنا , انه ولي ذلك والقادر علية .
د. نزار شموط