ماهر ابو طير يكتب: تقلبات وزارة الداخلية
خلال شهور قليلة تقلب على وزارة الداخلية عدد من الوزراء،وفي اقل من تسعة اشهر استلم الموقع ثلاثة وزراء،هم نايف القاضي،سعد هايل السرور،ومازن الساكت.
كلما تم تعيين وزير او ذهب وزير،اثير ملف الأرقام الوطنية،فهذا يأتي من اجل التشدد،وهذا يأتي من اجل انصاف الحالات المظلومة،وهذا يأتي للتوسط بين الحالتين،وهكذا تتم قراءة توجهات الوزارة على ضوء اسم الوزير وليس سياسات الدولة.
هذا يعني ان لاسياسات واضحة،ولاتعليمات ثابتة لفك الارتباط مع الضفة الغربية،والا كيف يقدر وزير ما على التشدد في ملف الارقام الوطنية،وكيف يقدر آخر على رد الارقام الوطنية لمن ُسحبت منهم،وكيف يقدر ثالث على التوسط بين الحالتين؟!.
مامن دولة تدير قصة المواطنة،بهذه الطريقة من التغييرات المرتبطة بالاشخاص ودلالاتهم،كما لدينا،ونكتشف ان التوجه الشخصي للوزير او رؤيته السياسية تعكس نفسها على ملف الارقام الوطنية.
هذا بدلا من وجود تعليمات محددة غير قابلة للاجتهاد والتأويل والتفسير والظن والالتباس،بحيث يعرف الناس ما لهم وماعليهم،من حقوق وواجبات،وبدلا من التقلب في كل مرحلة،وفقاً لإشارة الوزير السياسية،ولماذا جاء الى موقعه؟!.
وزير الداخلية السابق نايف القاضي،طرح الموضوع من زاوية وطنية لم يتفهمها كثيرون اذ كان يرى ان القصة ليست قصة مواطنة فقط،بقدر خطورة تثبيت المواطنة هنا،على حساب تفريغ الضفة والقدس من اهلها.
كان يقول ان المطلوب فقط هو تجديد الاقامة في الضفة والقدس،وفي المقابل ستبقى المواطنة محفوظة هنا،لان الاعتراض ليس على المواطنة؛بقدر جعل المواطنة سبباً في التفريط بالإقامة في الضفة والقدس.
الوزير الذي بعده،سعد هايل السرور،اعلن ان هناك ترشيقاً لتعليمات فك الارتباط بخصوص الارقام الوطنية،لمن يحملون مواطنة اردنية،ولديهم اقامات في الضفة الغربية،بحيث لايسحب الرقم الوطني الا من الذي لديه رقم وطني فلسطيني،او الذي يعمل في اجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية.
اعلن ايضاً عن اعادة ارقام وطنية لحالات تم ظلمها،وتشكلت لجان للنظر في هذا الملف،بعضها كان يعيد الرقم الوطني وبعضها كان يرفض،والوزير لم يحظ برضا احد.
اليوم لدينا وزير جديد،ولاتعرف مالذي سيفعله ازاء هذا الملف،لان البعض يصفه بالقومي،والبعض يصفه بالمتشدد.
ملف الارقام الوطنية،يجب ان يخضع لمعيار ثابت واحد غير متقلب بتقلب الوزراء،ولا برؤيتهم السياسية،ولا باجتهاداتهم،ولاحتى بتوجهات اي رئيس حكومة او برنامجه،او مشاعره.
هذا الملف،حساس لكل الاطراف،والسياسة العامة وتفاصيلها ازاء هذا الملف يجب ان تكون علنية،قابلة للمطابقة بين النص والممارسة،وان تكون ايضاً،دقيقة ومحددة وواضحة،بحيث لاتتقلب مع تقلب الوزراء،ولاتتغير مع تغير الحكومات.
من اجل ان تفهم مالذي يجري في وزارة الداخلية ازاء هذا الملف،بات عليك ان تستبصر خطوط باطن الكف اليمنى لشخص الوزير،وبماذا يفكر،وكيف يفكر،في ظل صراع اطراف كثيرة تتكاسر سراً وعلناً،وكل طرف يريد اخذ الوزارة باتجاه رؤيته السياسية؟!.
ملف الارقام الوطنية بحاجة الى سياسة واضحة،تحددها الدولة ولاتخضع للتقلبات على موقع وزير الداخلية .
mtair@addustour.com.jo