جهود أميركية لكسب مقاتلي طالبان



قالت صحيفة ذي تلغراف البريطانية إن بعض قادة الجيش الأميركي يقاتلون مقاتلي حركة طالبان في النهار ويلتقون بقادتها في الليل.
وتسرد الصحيفة واقعة لقاء المقدم في الجيش الأميركي توم سافِج بأحد قادة طالبان وتناولهما عشاء عمل معا ناقشا خلاله فرص التوصل إلى سلام بين الطرفين.
تقول الصحيفة إن كلا من الطرفين يدرك بأنه لا يستطيع تحقيق السلام بمفرده.
ويعلق سافِج على لقائه بالقائد الطالباني بالقول: "لقد تحدثت مع ثلاثة قادة محليين من طالبان، وهذا الشخص بالذات شخص محترم جدا. لقد تعب من القتال، وإذا ألقى سلاحه فسيكون لذلك تأثير كبير في المنطقة هنا. قد يكون قتل رجالي أو رجالا من البحرية البريطانية، لكن علي أن أنحي جانبا ما فعله في الماضي، وأن أفكر بما يمكن أن يفعله هذا الرجل في المستقبل".
ويأمل الغرب أن تحقق هذه الاجتماعات التي تلفها السرية الفائقة ما عجز عن تحقيقه عقد من صرف مليارات الدولارات وسيلان دماء آلاف الرجال والنساء.
وتعلق الصحيفة بالقول إن الوضع في أفغانستان بحاجة إلى رجال مثل سافِج يجمعون بين الجندية والدبلوماسية.
ويصف سافِج عناصر طالبان الذين قابلهم سابقا بأنهم كانوا إما شديدي الولاء لعقيدة قيادات طالبان المتشددة في القتال حتى النصر أو الشهادة وإما مرتزقة يقاتلون إلى جانب من يدفع، أما الآخر (الذي التقاه على العشاء) فهو أكثر شخص تعقد عليه الآمال، هو رجل في منتصف الأربعينيات من العمر وهو وجماعته يقاتلون منذ الاحتلال السوفياتي لأفغانستان بدون توقف، وقد تعبوا من القتال ويأملون أن يقضوا جزءا من حياتهم المتبقية في سلام.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير المعلوم مدى تأييد قيادات طالبان العليا لتلك اللقاءات التي تجري بين قادة طالبان الميدانيين المحليين وضباط الجيش الأميركي، كما من غير المعلوم إن كانت القيادات العليا على علم بتلك اللقاءات أم لا.
يذكر أن قادة وعناصر طالبان يعلمون أن إلقاء السلاح يكون مقابل عفو ومشاريع تطوير لقراهم وبلداتهم وانخراطهم في قوات الأمن الأفغانية. لكنهم يعلمون أيضا أنهم سوف يصورون وسوف تسجل معلوماتهم الحيوية، وتكشف هوياتهم، الأمر الذي يجعلهم هدفا سهلا لقادة طالبان الرافضين لأي مهادنة مع القوات الأجنبية أو مع الحكومة الحالية في أفغانستان.
وغالبا ما تستحضر في مثل هذه الحالات تجربة قوات الصحوة في العراق، لكن سافِج يدرك أن أوجه الشبه لا تكاد تذكر، فتجربة إقناع القبائل السنية في غربي العراق للانضمام إلى الجيش الأميركي في العراق في محاربة القاعدة، كانت لها أسباب لوجستية ساهمت في إنجاحها فتلك القبائل كانت مدفوعة بأمرين: الأول كرهها للقاعدة والثاني خشيتها من تنامي سيطرة الحكومة التي يغلب عليها الشيعة في العراق.
لكن طالبان أفغانستان لا يوجد لديها مثل تلك المخاوف. إلا أن هناك بصيص أمل في نوع آخر للقوات الأميركية قد تستخدمه في إقناع مقاتلي طالبان لإلقاء السلاح.
وتنقل الصحيفة عن ضابط أميركي آخر اسمه إيريك سميث قوله إن هناك قادة من طالبان يقبعون في كويتا الباكستانية لا يريدون إلقاء السلاح، ولكن مقاتليهم على الأرض قد سئموا استلام الأوامر على الهاتف النقال من أشخاص يجلسون بعيدا عن الميدان ولا يقاتلون.
يقول سميث: "أفضل أن أتحدث لأولئك المقاتلين على أن أقاتلهم".
وكان المبعوث الأميركي لأفغانستان مارك غروزمان والملقب "السيد صلح" قد دعا زعيم طالبان الملا عمر لإجراء محادثات. وفي الوقت الذي يشاع فيه أن الملا عمر يرفض أي محادثات مع الأميركيين، فإن سافِج يعتقد أن قادة طالبان الميدانيين من الصفوف المتدنية قد أعطوا "تفويضا ضمنيا" لإجراء محادثات استكشافية.