تعميم الاساليب القضائية البديلة !


التوسع في استخدام الاساليب القضائية البديلة كالوساطة بين المتنازعين وادارة الدعوى المدنية.. بات حاجة ملحة في ظل هذا التنامي في اعداد الدعاوى المرفوعة امام المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها, لان العبء كبير على الجهاز القضائي ويتزايد يوما بعد اخر, نظرا لما يشهده المجتمع من تعقيدات على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية, ويتطلب سرعة البت في القضايا واصدار الاحكام لاقرار الحقوق ! .

وزارة العدل كانت قد بدأت منذ عام 2002م بانشاء ادارة الدعوى المدنية بدءاً من محكمة بداية عمان, وانطلقت لتعميم مثل هذه الادارة على محاكم البداية في جميع المحافظات لكن هذا الاتجاه لم يشكل نسبة عالية من مجموع القضايا, لان هذا الاسلوب ما يزال حديث العهد نسبيا على اطراف العدالة في الاردن, بالاضافة الى عدم اخذ عمل هذه الادارة على محمل الجد من قبل المتخاصمين الذيين يفضلون السير في طريق المحاكم التقليدية حتى لو طالت, مع انهم يمكن ان يحصلوا على النتيجة ذاتها لكن بوقت قصير واختصار في الاجراءات ! .

يقوم مبدأ ادارة الدعوى المدنية على السيطرة المبكرة على الدعوى القضائية, من خلال وضعها منذ تقديمها تحت اشراف قاضي بداية يتولى مراقبة جميع اجراءاتها, بما في ذلك صحة عملية تسجيل الدعوى واجراءات تبادل اللوائح والتبليغ واستكمال البيانات, ومن ثم الاجتماع مع الخصوم وحصر نقاط الاختلاف والاتفاق لتحديد جوهر النزاع, وتقديم تقرير بذلك مع محضر الجلسة الى قاضي الموضوع الذي سيتولى النظر في فصل القضية, بما يتجاوز الكثير من المراحل الروتينية المعهودة, ومحاولة التقريب بين اطراف القضية والمساعدة على انجازها في اسرع وقت ممكن ! .

اهم العقبات التي تواجه التوسع في انتشار الوساطة القضائية وادارة الدعوى المدنية, هي ضرورة تعديل نص المادة 59 من قانون اصول المحاكمات المدنية, لاعطاء اجراءات ادارة مثل هذه الدعوى صفة الزامية الحضور للخصوم ووكلائهم, خاصة وان الدعاوى الخاضعة لتبادل اللوائح هي الداخلة ضمن اختصاص محكمة البداية فقط, بينما لا تخضع لها القضايا المستعجلة التي تعتبر ضمن اختصاص محكمة البداية ايضا او ما يدخل منها في اختصاص محكمة الصلح, وبذلك تكون الصلاحيات المنوطة بها محصورة ضمن نطاق قضائي معين يتسع فيه المجال امام المتخاصمين للتوصل الى حلول ترضي الطرفين ! .

ما دام قد ثبت من تجربة استخدام هذه الوسيلة القضائية المستحدثة اجمالا طوال السنوات الثماني الماضية, انها ادت الى نتائج ايجابية واضحة تمثلت في سرعة البت في الدعاوى والتوصل الى حلول عادلة ومتوازنة للقضايا مثار الخلاف, فانه يفترض في كل من وزارة العدل والمجلس القضائي العمل على تعميم نهج الوساطة القضائية وادارة الدعوى المدنية, وهذا ما يسهم في تحقيق الاهداف والغايات الرامية الى تعزيز مكانة القضاء وتحسين بيئة العمل في المحاكم عن طريق التخفيف من اعبائها قدر الامكان ! .

Hashem.khreisat@gmail.com

0