حكومة مكتوفة الأيدي

قبل نحو أسبوعين دار جدل كبير بين فريقي الحكومة السياسي والاقتصادي حيال اتخاذ قرار برفع أسعار المحروقات من عدمه، وفي النهاية انتصر الفريق الأول واتخذت الحكومة قرارا سياسيا بامتياز تم بموجبه تثبيت أسعار المشتقات النفطية، التي تؤكد الحكومة أن جزءا كبيرا من دعمها يذهب لغير مستحقيه.
الفريق الاقتصادي، الذي ناضل وأغلق جميع الأبواب وضغط بكل السبل من أجل اتخاذ قرار بزيادة الأسعار لخطورة الوضع الاقتصادي، عاد واستكان ولم يتخذ أية خطوة للخروج بحلول غير عادية للتخفيف من وطأة الوضع الاقتصادي، وتخفيف حالة الاختناق التي يعيشها الاقتصاد الذي اقترب من حدود الخطر منذ فترة طويلة.
وما يزال الفريق الاقتصادي خاملا ولم تتحرك الحكومة بفريقيها السياسي والاقتصادي لاتخاذ إجراءات أو حتى تشكيل لجنة لمواجهة الحال الصعب، الذي يراكم بشكل يومي كلفا مالية إضافية على الخزينة تنعكس بشكل مباشر على حجوم الدين العام وعجز الموازنة العامة.
وكل ما تقوم به الحكومة هو ترتيب ديون على الخزينة، تشكل قنبلة موقوتة لا ندري متى ستنفجر ولا تسجل ضمن الفاتورة النهائية لحجم المديونية، وما يزال وزير المالية يناضل في سبيل إخفاء الحجم الحقيقي لهذه المشكلة التي تؤكد أرقام وزارة المالية أنها بحدود 12 بليون دينار، فيما تشي المعطيات أن قيمتها الحقيقية تناهز مبلغ 13 بليون دينار. وليس ثمة مبالغة بالأرقام السابقة التي تضخمت بشكل كبير خلال الفترة الماضية وباتت تهدد مستقبل الحكومة مصيرها، وتعد بتسجيلها ضمن قائمة أسوأ الحكومات الأردنية ليظل الأردنيون يتذكرون ما ارتكبت من أخطاء سيحفظها التاريخ في حال ظلت تماطل ولم تتخذ إجراءات سريعة بتشكيل لجنة تعلن حالة الطوارئ الاقتصادية.
والمطلوب من هذه اللجنة، إن تم تشكيلها، أن تبتعد عن القضية البروتوكولية حتى لا تتكرر تجربة لجنة الحوار الاقتصادي التي شكلتها حكومة البخيت منذ أكثر من شهرين، واجتمعت على مدى أسبوع في حينه وخرجت بتوصيات لم ترتق بالحد الأدنى لمتطلبات المرحلة الصعبة ووضعت على الرف كأنها لم تكن.
وعلى الحكومة الصامتة حيال الوضع الاقتصادي، عقب قرار تثبيت الأسعار أن تعلن خطة إصلاح اقتصادي تمتد لفترة تتراوح بين (3 - 5) أعوام، يتم من خلالها تشخيص المشكلة وإعلان ماهية الوضع المالي للخزينة للرأي العام حتى يعلم القاصي والداني أن السير بالإصلاح مطلب لا مفر منه، وأن ترحيل الحلول لن يجلب سوى النتائج الكارثية للبلد.
 قرار تثبيت أسعار المحروقات اتخذ تبعا لنبض الشارع السياسي الآخذ بالتصعيد، وتأجيل مثل هذا القرار لا يعني أن الحلول الأخرى جفت، بل ثمة أفكار كثيرة أبرزها تقليص النفقات الرأسمالية للحكومة المركزية والمؤسسات المستقلة. ومن الحلول أيضا توجيه المساعدات المتوقع الحصول عليها من دول عربية لسداد أقساط الدين، إضافة الى معالجة اختلالات وعيوب جوهرية تعاني منها الموازنة العامة، بهدف تحقيق استخدام مفيد لهذه الأموال، أما أن نضع أيدينا على خدنا ونندب حظنا وننتظر فهذا استسلام وضعف يكشف عورات الحكومة.
لدينا في الأردن خبرات اقتصادية يمكن للحكومة أن تستأنس برأيها لوضع خطة إصلاحية محددة المدة الزمنية والمعالم لتخرج الاقتصاد من النفق المظلم، وتضعه من جديد على أول الطريق الصحيح، فلماذا تسقط الحكومة هذه الكفاءات من حسابها؟.

jumana.ghunaimat@alghad.jo