اختطاف البلد


 
هذه هي حياتنا،وكل حديثنا عن الاصلاح السياسي، والفساد المالي فقط، لكننا نترك الملف الأخطر، أي ملف الفساد الاجتماعي الذي يتعامى عنه الجميع، من شيوخنا الصالحين في خطبهم ومسيراتهم، وصولا الى النخب التي لاترى في الحياة الا قصص الاصلاح من الزاوية السياسية فقط.

تقرأ في الاخبار عن امرأة تحمل بشكل غير شرعي في إحدى مناطق الأردن، فتقرر بالتعاون مع امرأة اخرى رمي الطفل عند حاوية قمامة او بيع الطفل لمن يرغب، فتأتي امرأة اخرى وتدبر بيع الطفل لخمسينية، وتدبر الخمسينية شهادة ميلاد له، ليصبح شرعياً، فتتكشف تفاصيل القصة، بعد فخ نصبه الأمن العام، تحت مسمى «زبون ليل» يريد اقامة حفلة ماجنة ويريد ماتيسر من جوار ٍ وبنات ليل.

هذا يعني ان الام تعمل في عالم الليل،والا ماتم استدراجها تحت اسم حفلة ماجنة لبنات الليل مع شرفاء الليل من الرجال وارباع الرجال في هذا الزمن الاسود.

تقرأ اخبارا اخرى عن أطفال يتم رميهم عند حاويات القمامة، وعن علاقات جنسية من مستويات منخفضة بين الطلاب والطالبات، بين العاملين والعاملين في بعض المؤسسات، وتذهب بعيداً وترى في عمان ثلاثمئة نادٍ ليل ومئات مشارب الخمور ومحلاتها،وترى الفتيات ينزلن من سياراتهن لشراء المشروب دون اي يطق عرق الخجل،فقد بات الجميع سواء في شرب الاثم والحرام.

تخرج من الجرائم الاخلاقية وتذهب الى الجرائم العادية لكنها تحمل مسحة من الجنون والعبث،فأب يقتل ابنته ويطعنها لانها تأخرت ولم تعد القهوة له،وآخر يحمل رشاشة ويقتل جاره لانه لم يمنع خاروفه من الدخول الى حقل الحشيش او البطيخ،لافرق، وهكذا تقرأ جرائم جديدة،وسعارا يدب في العصب العام.

اين هو المجتمع الذي كنا نصفه بمجتمع السكينة والهدوء،واين هو البلد الذي كانت أهم صفاته الأمن والاستقرار، ومفهوم العيب الذي كان سداً في وجه كثير من التصرفات السلبية،وهو المفهوم المستمد أساساً من الدين ومحرماته.

أهو الفقر؟! ام قلة الدين!ام الاثنين معاً؟.أهو مسح هوية المجتمع وتغييره بكل هذا الضغط والتدفق الاعلامي الغربي والغربي المعرب،بوسائل عدة من الترجمة الى الدبلجة؟!ام هي غياب وسائل التوجيه الاخلاقي في البلد من المدرسة الى البيت مروراً بالمسجد والجامعة.

ليس أسهل من ان يقال ان الخير مازال موجوداً،وان مقابل كل هذا هناك التزام،وهناك اخلاق مازالت موجودة،وهو كلام مقبول،لان القصد ليس مساس سمعة الناس والبلد،بقدر التأشير على الملف الاجتماعي المتروك من الجميع.

بلد يتم هدم هويته الاخلاقية تدريجياً يراد ان يختطف بأتجاه جديد، ليتماشى مع مواصفات الجوار العبراني،حيث لاشعوب ولاأمم ولاأخلاق ولادين،وحيث يسهل الدوس على كل المنطقة، بعد تجهيزها، لان تكون مجرد أراضٍ فارغة من كل شيء،باستثناء مجاميع سكانية متناحرة،وبلا سند اخلاقي ايضاً.

إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لايعرفني!!.

mtair@addustour.com.jo