«الإخوان»..تجربة تجب مراجعتها

 ليس من قبيل نبش الماضي ولا تسديداً لحسابات قديمة فالمفترض أن الأردنيين بغالبيتهم لازالوا يذكرون كيف أن الإخوان المسلمين «إخواننا» قد «شربوا حليب السباع»، عندما أنجب ميدان التحرير في القاهرة وصول «إخوانهم» إلى الحكم في مصر بمساندة أميركية إن هي ليست معلنة فقد كانت معروفة وواضحة وحيث أصبح محمد مرسي رئيساً لأكبر دولة عربية، وباتوا أي «إخواننا» يسعون سعياًّ جاداًّ لتحويل ساحة المسجد الحسيني وتفرعاتها إلى ميدان تحرير آخر وأصبح بعضهم وليس كلهم يتحدثون مع كبار رموز الدولة الأردنية من فوق أنوفهم وعلى إعتبار أن ذلك الربيع العربي سيصل إلى الأردن كما وصل إلى أرض الكنانة. كان الإعتقاد إنْ لدى الإخوان «إخواننا»، وبخاصة أولئك الذين كانوا يفرحون بإطلاق صفة «الصقور» عليهم، وإنْ لدى أصحاب الرُّكب المرتجفة في بعض مواقع المسؤولية أنَّ «الدور» بعد مصر قادم إلى الأردن وأن الأمور غدت محسومة و»منتهية» ونسوا أن لكل بلد عربي ظروفه وأوضاعه الخاصة وأن هذا البلد، المملكة الأردنية الهاشمية، صاحب ليس تجربة واحدة وإنما تجارب «مرة» وقاسية كثيرة وأنه بقي دائماً وأبداً كطائر «الفينيق» الذي كلما يُلْقى بين ألسنة النيران لا يلبث أنْ ينفض رماد الجمر عن جناحيه ويحلق مرتفعاً نحو غيوم السماء. كان بعض الذين كانوا يُحْسبون على قيادات الدولة ورموزها قد إصطكت أسنانهم وارتجفت أيضاً ركبهم وإلى حدِّ أن الحسابات الخاطئة قد دفعت بعضهم إلى الذهاب إلى مقر الإخوان «إخواننا» في العبدلي مع أول بصيص ضوء والمرابطة على أبوابه لتقديم التهاني الحارة إلى الأكثر «صقورية» في قيادتهم مع التضرع إلى االله أن ينصرهم كما نصر «إخوانهم» في أرض الكنانة وهذه حقائق معروفة والمفترض أنها مسجلة صوتاً وصورة وكل هذا مع أنني من بين الذين يقولون «إستروا على هؤلاء.. االله يستر عليكم» وهنا فإنه في غاية الأهمية والضرورة أن نشير إلى حقيقتين لا بد من الإشارة إليهما من أجل الأمانة التاريخية ومن أجل أن يعرف أبناؤنا وأحفادنا هاتين الحقيقتين الهامتين جداًّ اللتين هما أولاً: أن جلالة الملك عبداالله بن الحسين، وهذا يجب أن يقال، قد رفض رفضاً قاطعاً ومطلقاً أي تعاطٍ مع متشددي «الإخوان» بالقوة وعلى أساس أن العنف يؤدي إلى المزيد من العنف وأنه يستقطب المزيد من المتشددين والمغرر بهم وثانياً: أن هناك تياراً إخوانياً وطنياًّ بالفعل له وزنه قد تصدى لهذا التيار المتشدد وأفشل مساعيه ومحاولاته لجعل الأردن الدولة الثانية بعد مصر وهذا كان قبل فشل التجربة «الإخوانية» المصرية ما أريد قوله ، ومع التأكيد عليه ليس مرة واحدة فقط وإنما ألف مرة، هو ضرورة رفض أي شكل من أشكال العقاب بأثر رجعي، فالأردن صاحب تجارب كثيرة في هذا المجال من أهمها تجربة الإنقلابات العسكرية في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي حيث عاد ليس معظم بل كل الذين قادوا تلك الإنقلابات الفاشلة إلى أحضان بلدهم معززين مكرمين وهذا يتطلب أن تكون هناك مراجعات دائمة وفي «الإتجاهين» وعلى أن تشمل هذه المراجعات «صقور» الإخوان المسلمين «إخواننا» كما كانت شملت «صقور» الأحزاب القومية واليسارية التي كانت راودتها أحلام ثبت أنها كانت عبثية ومجرد مراهنات سياسية فاشلة والدليل هو هذا الذي يجري في بعض دول هذه المنطقة وبخاصة في سوريا .. قلب العروبة النابض.