ويسألونك عن مصير «المعارَضات»... السورِيّة؟

 سؤال مشروع... بعد ان «أنهى» المُشغّلون والمُموّلون والرُعاة, مهمة «ثوار سوريا» الذين جِيءَ بهم الى مقدمة المشهد, وتم تنصيبهم «قادة» لما وُصِفَ تضليلاً.. ثورة الحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية, التي تمثلت في شعار جاذب ردّده البسطاء السوريون في موجة احتجاجات مشروعة, لم يلبث المأجورون ان اختطفوه, واوكلوا مهمة استثماره لرهط من أصحاب الجنسيات الأجنبية ومرتزقة السفارات والأجهزة, ودائماً لاؤلئك الذين غابوا عن الشام عقوداً طويلة ولم يزوروها إلاّ كسائحين, أو قُلْ على نحو أدق كمستشرقين لا يربطهم بشعب ذلك البلد العربي اي رابط, سوى اسم العائلة التي غالباً ما سعوا الى تغييرها او تحويرها لأسباب محض انتهازية, يُراد من ورائها القطع مع ماضيهم العربي,عبر الإرتماء في حضن «السيد الأبيض». هتف السوريون احتجاجاً «الشعب السوري ما بيِنذَل» ولم يختلف أحد معهم حتى بعد أن توسّل بعضهم العنف والشعارات المتطرفة... استفزازاً، لكن المتربصين وأصحاب الخطط الجاهزة التي اعدتها الغرف السوداء وأجهزة الكذب والتضليل والدعاية السامة, وأولئك الذين نظّروا طويلاً للامبريالية وأدواتها ورطانتها حول الديمقراطية وحقوق الإنسان وبناء الدول وغيرها, مما تحفل بها الدعاية الصهيو أميركية, كانوا بالمرصاد ما بالك أن الحديث يدور عن سوريا... واسطة عقد المنطقة وصاحبة الموقع الجيوسياسي...الحضاري والتاريخي, الذي بدونه لا يمكن للأمن القومي العربي أن يتحقّق, بل ان «الاستيلاء عليه» هو حلم المستعمرين عبر التاريخ, أيّاً كان لبوسهم الايديولوجي أو خطابهم الإستعماري التعبوي. لم تكن ثمة وسيلة أسهل ولا أكثر تأثيراً ودغدغة للمشاعر وشحناً للعواطف والغرائز, سوى دفع تيارات الإسلام السياسي الى مقدمة الصفوف, ولتكن البداية مع جماعة الاخوان المسلمين «المعتدِلة», التي سوّق لها وروّج وأخذ الضوء الأخضر من سيد البيت الأبيض «اوباما», بتسليمها «عَلَم الثورة» وهو مرشدهم الدولي «الأعلى» الساعي لاستعادة مجد اجداده العثمانيين, السلطان الجديد رجب طيب أردوغان. وكان ذلك مقدمة لاجتياح سوريا وعسكرة المشهد السوري وإعلان الحرب على العروبة, بكل مكوناتها ومبادئها ومرجعياتها, وخصوصاً بهدف نسف عُرى الأخوّة, والضخّ في عروق «المُنبَتّين» الذين يفتقرون الى كل أسباب البروز والقيادة والتاريخ والثقافة والفاعلية الحضارية التي قامت عليها العروبة, وبخاصة محدثو النعمة منهم, الذين اهتبلوا الفرصة لإطاحة سوريا الوطن والدولة والموقع, واختطاف قيادة الأُمّة عبر سحبها الى مربع الأسرَلة والتصهّيُن, وإدارة الظهر لكل قضايا وحقوق شعوب الأمة المشروعة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كان مطلوباً..بالطبع, صناعة واجهة سياسية كي يتطلّى خلفها المستعمرون الغربيون وحليفهم العثماني الجديد ودائماً بلبوس إسلاموي, يسهم بمزيد من التضليل والتجهيل, عبر خطاب يتوجه الى الجمهور العربي المُنهَك والممزّق بين وتنكيل الأنظمة وقمع الحريات وغياب ثقافة المواطنة, والكوارث التي جاءت بها شراكة الحكومات مع اصحاب رؤوس الأموال ووكلاء الشركات الأجنبية في بلاد العرب, وأولئك الذين يَظهرون بكثافة على شاشات التلفزة وأروقة المؤتمرات الباذخة والبيانات السياسية المنَمّقة التي تتحدث عن قرب انهيار النظام واستعادة السوريين «حرياتهم» وقرارهم الوطني وغيرها من الأحبولات وكل ما تبرَع أجهزة الاستخبارات وأذرعها الإعلامية الضاربة, في إطلاقها وإحاطتها بهالات لا تنتهي من الإثارة والخيال الجامح. وفيما كان الارهابيون يتدفقون عبر الحدود التركية وغيرها مما لم تعُد الحكومة السورية تسيطر عليها، كي يأخذوا البلاد الى موجة جديدة من المذابح والخراب المُبرمَج, مترافقة مع حملة نزوح هائلة كي تجذب المزيد من الغضب والعداء للنظام السوري, الذي كان كثيرون لفرط سذاجتهم يعتقدون ان سقوطه مسألة وقت ليس إلاّ, دون ان يحاولوا قراءة تاريخ المنطقة وما عصَف بها من حروب وغزوات وما آلت اليه الأوضاع وموازين القوى, بعد اختلالات بدت لكثيرين انها ذات طابع دائم، فإذا بها مجرد فصل عابر في تاريخ مجيد, لشعوب أمة قد تخسر معركة أو تُهزَم في حرب, لكنها عصِيّة على الفناء أو الاستسلام ورفع الرايات البيضاء. نقول: ظهر تباعاً «زعماء وقادة» لثورة مزعومة جيء بهم من امكنة عديدة، فعرفنا برهان غليون (السُنيّ دائماً) واليساريّان جورج صبرا وميشيل كيلو وإسلامويون بلحى معفاة بالكامل, وآخرون ذوو لحى مشذّبة وجنرالات مزعومون دفع لهم فانشقّوا ثم تركوا لمصيرهم, وكان هناك رئيس حكومة سورية اسمه رياض حجاب إشْتُرِيَ بحفنة من الدولارات, الى ان انتهت سريعاً مدة استخدامه, فذهبوا به الى صحراء العزلة, وغيره ممن علّقوا باجات على صدورهم واستُقبِلوا في قصور تاريخية كالإليزيه والبيت الأبيض وعشرة داونغ ستريت وبروكسل كمقر للاتحاد الأوروبي (والناتو حتى لا ننسى), وتم تعريفهم على شاشات التلفزة بأنهم: زعماء ومفاوضون وثوّار وقادة سوريا المستقبَل وغيرها مما حفلت به السنوات السبع العجاف التي تحمس لها كثيراً... «أصدقاء سوريا». كل هؤلاء ذهبوا وأُنهيَت خدماتهم, بعد أن ملأ البعض جيوبه من أموال الاستخبارات الأجنبية وآخرون لم يعودوا على كشوفات الرواتب, فزعموا انهم استقالوا(...) وآخرهم محمد علوش شقيق مؤسّس جيش الاسلام الإرهابي، الذي يستعد (الجيش) لوظيفة قذرة أخرى في شرق سوريا (الرقّة تحديداً) بعد فشل مهمته في الغوطة الشرقية, كمقدمة لتعريب الصراع في شرق الفرات, على ما يقترح المُشغّلون(إقرأ المُحّتلّون) الأميركيون. اللافت هو أن أحداً لم ينع داعش, وهناك من يتحدث عن دور اميركي جديد لها, في الوقت ذاته الذي يجري فيه تمكين تنظيم القاعدة من الإمساك بخيوط اللعبة في «إدلب» وسط دعوات فرنسية لـ»تحييدها» بذريعة تجنيب سكانها..»المعاناة. يبدو ان الرهان الغربي المقبِل, سيكون على «داعش» و»جيش الإسلام» في دير الزور,... وتنظيم القاعدة» في إدلب.أما دمى المعارَضات فمصيرها... مزبلة التاريخ.