لبنان: انتخابات برلمانية... بنكهة «إقليميّة» ثقيلة!!

اخبار البلد 

 
ليس «أمهر» من اللبنانيين, خصوصاً قادة احزابهِم وساستِهم ومَن يمكن احتسابه على الطبقة الحاكمة, التي تتوزّع «دائرتها» لتضم ورَثَة من ابناء السياسيين واحفادهم وبقايا الاقطاع السياسي «والعقاري», كذلك زعماء الطوائف والزواريب والقبضايات الذين يضعون انفسهم رهن اشارة مَن يَدْفَع, اياً كانت «عِملة» الدافع او اتجاهه السياسي, ودائماً يقف في مقدمة «رموز» هذه الطبقة التي ما تزال تحكم قبضتها على لبنان «وشعوبِه», امراء الحرب وملوك الطوائف الذين يسعون بلا كلل (ولكن بلا اي نجاح يذكر) في طمس ماضيهم الدموي وخطابهم التحريضي, الذي يغرِف من معين التعصّب ويتكئ على الغرائز الطائفية والمذهبية, ولعل أبرز من يُمثِّل هؤلاء الملطَّخَة اياديهم بالدماء, هو سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية الذراع العسكرية «السابِقة» لحزب الكتائب اللبناني, مفجّر الحرب الاهلية ورافع راية سلخ لبنان عن هويته العربية، تلك الهوية الإنعزالية, التي ما يزال هؤلاء (القوات والكتائب) ورهط لا بأس به, يدعون اليها بزعم نأي لبنان بنفسه عن مشكلات العرب وقضاياهم. مناسبة الاضاءة على خطاب الانعزاليين الذين لا يوفرون فرصة لسكب المزيد من الوقود على خرائط المنطقة
وتلبية مطالب اعداء الأمة ومتعهدي الحروب والغزوات عليها، هو الاستحقاق الكبير الذي يذهب اللبنانيون اليه... اليوم, لانتخاب مجلس نيابي جديد وفق قانون انتخابي «ملتبِس» تم استيلاده بصعوبة, رغم إصرار قوى حزبية ودينية ومذهبية ذات حسابات ضيقة على الحؤول دون صدور قانون انتخاب جديد, ينهض على النسبية الكاملة التي تسهم ضمن أمور اخرى في طي صفحة الطائفية السياسية وتأخذ لبنان الى مسار ديمقراطي جديد, لا يجعله رهين السياسات الاقليمية واسير مصالح الطبقة السياسية الحاكمة, التي تجد دعماً من امراء الحرب السابقين وورثة الاقطاع السياسي وبعض رجال الدين, الذين سيجدون انفسهم – إذ ما وعندما يتم اعتماد قانون النسبية الكاملة – في بطالة وعزلة سياسية. الإنتخابات اللبنانية تتم وفق قانون «هجين» وغير مسبوق في غموضه وانعدام فاعليته, مقارَنة بما طالب به معظم اللبنانيين منذ عقود طويلة, وبخاصة مجلس النواب «الحالي» المنتخَب منذ تسع سنوات (2009 (والذي مدّد لنفسه اربع سنوات, بذريعة عدم العودة الى اي قانون انتخاب قديم وخصوصاً ما يسمى «قانون الستين»، لكن جبل الخلافات والوعود «الخلّبية التي بذلها قادة الاحزاب ومعظم القوى المنخرطة في اللعبة السياسية العبثية, التي لم تأت للبنانيين بغير انهيار الخدمات والبنى التحتية والمرافق العامة والارتفاع الهائل – وغير المبرّر – للمديونية، لم يُسفر سوى عن قانون لا هو اكثري – كما القانون السابق – او نسبي «كامِل» كما كان يأمل كثيرون، الامر الذي انعكس في فوضى والتباس «المعركة» الانتخابية التي انتهت للتو, والتي ستتلوها «معارك» اكثر ضراوة بعد إعلان النتائج ، إن لجهة تشكيل الحكومة او الوقوف على الاوزان والاحجام «الجديدة» التي ستترتب على تطبيق القانون الحالي, حيث يتمّ التصويت للقائمة, ووجود ما يُسمّى «الصوت التفضيلي» الذي يدفع للاحتراب داخل القائمة الواحدة، والذي سيخصم (ويُضيف... بالتأكيد) مِن والى ارصدة احزاب وتيارات, ظنّت انها تملك الكثير من الاوراق والاصوات والمؤيدين, وبعضهم الى وقت قريب كان يُشكِّل «بيضة القبان» في المشهد السياسي والحزبي كما هي حال حزب وليد جنبلاط (التقدمي الاشتراكي) الى ما قبل هذه الانتخابات, حيث يَرِث فيها نجل «الزعيم» تيمور... أباه, ولكن وسط مخاوف جدية بأن تكون حصة «الحزب» من مقاعد مجلس النواب ال(128 (متواضِعة وغير مؤثِّرة في لعبة ومناورات تشكيل الحكومة, او تسمية رئيسها على النحو الذي استثمره «وليد بيك» للنطنطة في كل اتجاه.. بلا ضوابط او منطق سياسي, سوى ان الرجل مزاجي ومتقلب يزعم انه «يشّم» مبكراً رائحة التطورات الاقليمية فيسعى للقفز من اي سفينة يظن انها مرشحة للجنوح ودائماً بذريعة حماية الطائفة الدرزية ذات الخصوصية والحساسية التي يتزعمها. ولكنه لا يصيب النجاح المأمول, بدليل العزلة والضعف الذي هو عليهما الان. ثمة مواجهة ساخنة وشرسة تنخرط فيها ثلاث قوى رئيسية، قادرة على حسم المعادلة اللبنانية في المديين القريب والمتوسط, سواء.. المستوى الداخلي – مع عدم إهمال العامل الاقليمي الضاغط بشدة على تلك القوى ــ ونقصد على التوالي الثنائي الشيعي المتمثِّل بحزب االله وحركة أمل, والتيار الوطني الحر الذي أسسه قادة رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون وأورثه لصهره الانفعالي والمتعالي جبران باسيل، والثالث تيار المستقبل بزعامة وريث ابيه السياسي والمالي (وان كان دخَلَ طور الإفلاس) سعد الدين الحريري, الذي لا تواتي الرياح اشرعة سفنه «السنّية» الجانحة, ويواجه منافسة قوية وشرسة من رموز سُنِية وازنة مثل نجيب ميقاتي في طرابلس وعبدالرحيم مراد في دائرة البقاع الغربي, فضلاً عن منافسين ومنشقين «سُنّة» عن تيار المستقبل في معظم الدوائر وأهمها مدينة صيدا معقل آل الحريري, ولكن يُتوقَّع ان يخرقها بقوة المرشح القومي والوطني اسامة سعد, دون ان ننسى المفاجآت التي قد تأتي بها دائرتا بيروت... الأولى والثانية. في السطر الاخير.. «لم ولن» تجِد دولة في الإقليم وأخرى كالولايات المتحدة وفرنسا, لم تتدخّل في «المعركة» الانتخابية اللبنانية, حامية الوطيس إعلامِياً وغير المفيدة سياسياً, كونها ستُفرِز معظم «رموز» الطبقة
السياسية الحاكمة، اللهم إلاّ إذا حسمت غالبية اللبنانيين خياراتها ورفضت سياسة النأي بالنفس, التي تعني إدارة الظهر للصراعات في المنطقة. حيث تُصِّر اطراف عربية واسرائيل والقوى الغربية, على جعل لبنان ساحة لتصفية حساباتها مع قوى المقاومة ورفض الهيمنة ومشروع أسرلة المنطقة... وصهينتها. .. الانتظار لن يطول, لمعرفة الاوزان والحجوم... لبنانياً واقليمياً على حد سواء.