خطوة في الاتجاه الصحيح!
ليس كافيا أن نتحدث ليل نهار عن الشراكة بين المؤسسات الرسمية والأهلية من أجل تحقيق المصالح الوطنية، ولا يجوز أن تأسرنا الشعارات دون أن نبادر لتحويلها إلى واقع عملي، فقد علمتنا التطورات والأحداث من حولها أن سلامة المنظومة الأمنية هي أساس الأمان والاستقرار، وقاعدة التطور والبناء والتقدم.
نتحدث عن الأمن المجتمعي بعدما تفاقمت التهديدات التي تتعرض لها المجتمعات نتيجة ثورة الاتصالات والمعلومات، والقدرة الفائقة لمواقع التواصل الاجتماعي على اختراق السلم الاجتماعي، وقواعد البيانات والمعلومات، وإثارة الجدل العقيم والنعرات والحساسيات، الأمر الذي يتجاوز المعنى التقليدي لوسائل الحفاظ على الأمن والاستقرار.
وجاءت الدعوة صريحة من عطوفة مدير الأمن العام اللواء فاضل الحمود إلى المؤسسات ذات العلاقة كي تقوم بدورها في نشر ثقافة الأمن المجتمعي، كل في مجاله ليكتمل مفهوم الأمن الشامل بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والبحثية والفكرية والثقافية وغيرها، مع تركيز الاهتمام على الشباب، وخاصة أولئك الذين ما زالوا على مقاعد الدراسة في المدارس والجامعات.
في هذا السياق، جاءت الندوة الحوارية التي عقدت بالشراكة بين مديرية الأمن العام ممثلة بأكاديمية الشرطة الملكية وجامعة الشرق الأوسط خطوة في الاتجاه الصحيح، تمهيدا لعقد مؤتمر علمي يؤسس لإستراتيجية وطنية خاصة بالأمن المجتمعي، قد ينتج عنها مواد تعليمية وتثقيفية للطلبة، فضلا عن إجراء الأبحاث والدراسات العلمية حول تشخيص واقع الأمن المجتمعي في الأردن، والمقومات التي يرتكز إليها، والعوامل التي يمكن أن تهدد سلامته لمواجهتها والتغلب عليها.
ذلك تماما ما نحن بحاجة إليه خاصة ونحن ندرك الوسائل التي تستخدمها قوى الشر بهدف تفكيك المجتمعات، وبث الفوضى والكراهية والريبة والشك فيها، والأمثلة من حولنا كثيرة بقدر ما هي كارثية ومؤلمة، ونحن كذلك نستند إلى صلابة المجتمع الأردني الذي أظهر وعيه وفهمه لمسرحية الربيع العربي المأساوية، وحافظ على وحدته وتضامنه الوطني، ولكن المزيد من التحصين أمر لا مفر منه.