فتح ملف التمويل الاجنبي

 


 


في غمرة الحديث عن الفساد والمفسدين ، ينسى كثيرون أو يتناسون ،التمويل الأجنبي، والذي ثبت أنه أكثر أنواع الفساد، خطرا، على الامن الوطني والقومي، وأكثرها التباسا ، وقد اتخذت المؤسسات الغربية من دعم الديمقراطية ومفرداتها ، وحقوق المرأة والطفل ..الخ، شعارا لهذا التمويل المشبوه، في حين أن الهدف الرئيس هو اختراق مؤسسات المجتمع المدني، وتدجينها وترويضها . وفي هذا السياق لا بد من ملاحظتين، نعتبرهما مهمتين:

الأولى:أن «زفة» التمويل الاجنبي لبعض مراكز الابحاث والدراسات في العالم العربي، على وجه الخصوص، قد بدأت ، وبصوت عال ومسموع بعد مؤتمر مدريد1991 ، وأخذت في التدفق على المنطقة ، متزامنة مع ما يسمى عملية السلام، وبصورة ملحوظة ،حيث خصصت كثير من المؤسسات الاميركية والاوروبية ، الملايين لدعم هذه المراكز، والتي ترفع شعار دعم انتشار الديمقراطية والتعددية، وغيرها من كليشيهات ، تصب في حماية حقوق الانسان، وفي الحقيقة فان الهدف الأهم لهذا التمويل ، علاوة على ما ذكرنا، غرس بذرة التطبيع الخبيثة في الارض العربية، وخلق اتباع ومؤيدين في هذه المراكز، لهذا النهج الخطير ، تحت يافطة أنصار السلام، وهو ما يعني في النهاية التسلل الى قلاع مكافحة هذا الوباء ، وضربها من الداخل.

الثانية: لقد كشفت التحقيقات مع مدير مركز ابن خلدون بالقاهرة، أن المركز لم يكن بعيدا عن اثارة الفتنة الطائفية، بين المسلمين والأقباط، وان الاستطلاعات التي اجراها المركز، كانت مجندة وموظفة لخدمة المخابرات الاميركية والغربية، للوقوف عل حقيقة الاوضاع في مصر ، وحقيقة توجهات الرأي العام في كثير من القضايا ، وعلى قناعات الشعب المصري حول العديد من الامور، وخاصة الخلافية ، أو ما يطلق عليه المناطق الرخوة ، والتي يمكن النفاذ من خلالها لضرب وحدته الوطنية.

وبكلام أوضح ، فان هذه الاستطلاعات توظف لخدمة لخدمة اهداف الاجهزة المعادية ، ونادرا ما نشرت هذه المراكز، نتائج هذه الاستطلاعات على الرأي العام ، بل أن عملها كان ولا يزال محكوما بالسرية التامة.

فاذا اضفنا الى ما ذكر ، حالة الثراء غير الطبيعي ، التي يرفل بها أصحاب هذه المراكز ، وقد اصبحوا من اصحاب الملايين ،والفلل الفاخرة ، والسيارات الفارهة، والتي تكاثرت كالطحالب والسرخسيات ،حتى أصبح الوقوف على اعداها أمر متعذر ، ما يضاعف الشكوك ، ويفرض التساءل ، عن طبيعة عمل هذه المؤسسات ، والاموال التي تتدفق عليها ، وخاصة انها من اموال دافعي الضرائب ، ولا تصرف من اجل سواد عيون العرب.

باختصار....ان الحملة على الفساد والمفسدين ، لا تكتمل ولا تؤدي اهدافها كاملة ، الا اذا شملت فتح ملفات التمويل الاجنبي ، والذي أصبح ظاهرة خطيرة ، تستدعي المساءلة والمحاسبة . وقد أصبحت ظاهرة مقلقة، والله من وراء القصد.

Rasheed_hasan@yahoo.com