لماذا تفشل اتفاقيات التجارة الحرة؟



تسعى الحكومة الأردنية إلى إجراء تعديلات جوهرية على اتفاقيات تجارية مع كل من تركيا والاتحاد الأوروبي، مما يطرح أسئلة حول الأسباب التي أدت إلى ذلك، ومسؤولية الحكومة والقطاع الخاص عن توقيع اتفاقيات غير ذات جدوى، فقد نقلت صحيفة "الغد" في عددها الصادر بتاريخ 22 نيسان (ابريل) 2018، عن وزارة الصناعة والتجارة والتموين، أن الحكومة الأردنية تنتظر جواب تركيا عن المقترحات والشروط التي قدمتها الحكومة لإعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت عن تجميد اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا في وقت سابق، وأرجعت ذلك لأسباب تتعلق بحماية المنتج الأردني الوطني، وإلى اتساع الفارق في الميزان التجاري لصالح الجانب التركي، وأن الجانب التركي لم يلتزم بتقديم المساعدة الفنية المتفق عليها.
وقبل ذلك، أعلنت وزارة الصناعة والتجارة عن طلب رسمي تقدمت به الوزارة الى الاتحاد الأوروبي للتعديل على قرار تبسيط قواعد المنشأ أمام الصادرات الأردنية مع الاتحاد الأوروبي، وهو تعديل على اتفاقية الشراكة عدّه دولة رئيس الوزراء حين إقراره بأنه "من أهم الإنجازات على مستوى العلاقات الثنائية في الآونة الأخيرة، ومن أهم نتائج مؤتمر لندن للمانحين"، والتعديل المطلوب أردنيا هو إعادة النظر في الشرط الأوروبي بتشغيل اللاجئين السوريين، والمطلوب أن تصل نسبة التشغيل إلى 25 % في العام الحالي من أجل السماح للشركات الملتزمة بالاستفادة من هذا القرار، وهو شرط صعب التحقيق جعل القرار غير ذي جدوى عند التطبيق.
الحكومة الأردنية طالبت الحكومة التركية بالسماح بنسبة استخدام مواد أجنبية تصل إلى 70 %، وهي النسبة المتفق عليها في القرار الأوروبي من دون شرط تشغيل السوريين، وهي نسبة مرتفعة بالطبع، مع ذلك فإننا نأمل مع الحكومة أن يوافق عليها الجانب التركي، وأن يوافق أيضا الجانب الأوروبي على الإبقاء عليها وإزالة قيد تشغيل السوريين عنها. ولكن هذا يطرح سؤالين ينبغي على الوزارة والقطاعين الصناعي والإنتاجي بشكل عام الإجابة عنهما، السؤال الأول: لماذا لا تتم دراسة الاتفاقيات التجارية بشكل معمق قبل توقيعها؟، والسؤال الثاني: لماذ لا تستطيع منتجاتنا المحلية المنافسة من دون اشتراط هذا القدر الكبير من التسهيلات في الاعتماد على المدخلات الأجنبية؟
على الرغم من أن الخبرة الأردنية في الاتفاقيات التجارية تجاوزت العشرين عاما، بحسب الموقع الالكتروني لوزارة الصناعة والتجارة، فلا يبدو أن هناك استفادة كبيرة من هذه السنوات الطويلة من الممارسة، وإلا فلماذا تحتاج الحكومة الى السعي لإعادة التفاوض على شروط تعاقدت عليها منذ مدد زمنية قصيرة نسبيا؟ وهل القطاعات الإنتاجية مغيبة عن القرارات المتعلقة بالاتفاقيات التجارية؟ أم أنها غير قادرة على الاستفادة من هذه الفرص؟ وهل تنطلق وزارة الصناعة والتجارة في اختياراتها للدول والتجمعات الاقتصادية التي تتشارك معها وفي تفاصيل الاتفاقيات التجارية من دراسة وتحليل للمستوردات والصادرات والإنتاج الوطني وكذلك التجارة الدولية، أم أن المبادرات تأتي من الطرف الآخر؟، وغني عن القول إن البيانات المطلوبة للدراسات متوفرة محليا ودوليا.
مشكلة ضعف القدرة التصديرية واختلال الميزان التجاري من المشاكل المستفحلة في الاقتصاد الوطني؛ حيث تشير أحدث بيانات دائرة الإحصاءات العامة، إلى أن نسبة تغطية الصادرات الكلية للمستوردات وصلت إلى ما نسبته 33.5 % خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) من العام 2018، ما يشير إلى أن اختلال الميزان التجاري أبعد من الاتفاقيتين الأوروبية والتركية