أهم رواية لمكافحة الصهيونية وفضح مجتمع إسرائيل الشوفيني



لا اعتقد ان في العالم كله، سلاحا اشد مضاء في الحرب الثقافية والسياسية بين العرب والإسرائيليين، من رواية «أرض الميعاد» الصادرة عن دار التقدم عام 1979 للكاتب الروسي يوري كوليسنيكوف.
ولا اعرف سببا حال ويحول دون طباعتها بكل لغات العالم وتوزيعها مجانا وبملايين النسخ ليعرف العالم الحقائق المذهلة التي كشفتها الرواية وسلطت الضوء على الممارسات اللاانسانية الوحشية التي كرستها الحركة الصهيونية ويؤديها اليهود المتشبعون بتعاليمها وخرافاتها وتمييزها وعدوانيتها.
تتحدث هذه الرواية الوثائقية العظيمة عن شاب يهودي يدعى حاييم فولديتير، هاجر قبيل الحرب العالمية الثانية إلى «أرض الميعاد» فلسطين، متأثراً بالدعاية الصهيونية التي صورت فلسطين ارضا يهودية تحتلها قبائل العرب الهمج المتخلفين، مما يستوجب الهجرة اليها والاستيطان فيها وانقاذها وتحريرها من غاصبيها ووضعها على مسار التقدم والحداثة والاشتراكية.
ركب حاييم الشاب اليهودي الطيب، الباخرةَ من روسيا متوجها الى ارض الميعاد تملأ قلبه الحماسة والاشواق التي توارثها من الأجداد والآباء والتي اعادت الصهيونية بعثها في قالب عدواني شوفيني اقصائي ضد الاغيار على قاعدة: الأغيار هم الجحيم او الاخرون هم الجحيم.
كان اليهودي المتدين يتلو صلاة مباركة الطعام صباحا وظهرا ومساء ويقسم قبل تناول الطعام: «شُلّت يميني ان نسيتك يا اورشليم».
تحطمت الباخرة التي تُقلّه ومئات من المهاجرين اليهود على شاطئ قبرص وعثر عليه الرهبان بعد أيام وهو بين الحياة والموت، ينزف ويوشك على الهلاك جوعا وعطشا.
تولّت فتاة قبرصية مسيحية مصابة بالصمم، العناية بحاييم في احد الاديرة لمدة عدة أشهر تماثل بعدها للشفاء في ما يشبه المعجزة. كان وقع في غرام الفتاة الطيبة التي تفانت في خدمته والتي ثابرت على القيام بعمل انساني مضنٍ راقٍ فأنقذته من موت محقق. وكانت الفتاة وقعت في غرامه. هو لا يدري عن ديانتها وهي لا تدري عن ديانته. لكن المؤكد انه لم يكن متدينا.
ابلغ حاييم الرهبانَ برغبته في مواصلة سيره الى فلسطين. عرض على ممرضته الصمّاء الجميلة الزواج به والسفر معه الى أرض الميعاد والاحلام، فوافقت.
واصل حاييم طريقه من قبرص إلى فلسطين على ظهر إحدى البواخر التي كانت تقل المهاجرين اليهود الى فلسطين والتي كانت تمر بانتظام بالقرب من جزيرة قبرص. وفي ميناء حيفا استقبل مندوبو الوكالة اليهودية جموع المهاجرين وتولوا نقلهم الى كيبوتسات.
تحصّل على غرفة رثة مؤقتة في كيبوتس غوري في منطقة مليئة بالبعوض والذباب والزواحف والافاعي التي لا يطيق ان يسمع اسمها فعاش كوابيس مرعبة طيّرت النوم من عينيه.
خفف عنه المشقة، انه حظي بجيرانٍ طيبين، كان يخدمهم ويساعدهم في الكثير من الأعمال والإصلاحات المنزلية، فأصبح يشار اليه بالبنان، باعتباره اليهودي الطيب، وتتوجت فرحته بمولد اول ابنة لهما.
وحلت به وبأسرته المأساة الطاحنة عندما علم اهلُ الحي ان اليهودي الطيب متزوج من مسيحية وليس من يهودية!! تعرض هو واسرته الى تنكيل ونبذ وحصار ومضايقات ترقى الى حد محاولة حرق منزله والتآمر عليه وتلفيق اكثر من تهمة له أدت الى طرده من المنطقة التي استقر فيها ثم من المنطقة التي رحل اليها ومن كل منطقة رحل اليها حتى طلب العودة من حيث اتى دون موافقة مما اضطره الى مغادرة ارض الميعاد تهريبا لأنه اكتشف زيف الدعاية الكاذبة عن المساواة والاخاء والاشتراكية.
هذه العجالة التي من الذاكرة، لا تغني عن قراءة الرواية المجيدة.
من الواجب النضالي الوطني ضرورة ان تتولى المؤسسات الثقافية الفلسطينية والعربية إعادة نشر هذه الرواية وتعميمها على أوسع نطاق.