كيف يفهم الأردنيون المال والسياسة؟


يخطئ كثيرون حين يصنفون أثر المال على السياسة، قطعاً الذهنية تذهب إلى المقاولين، وهذا أمر خاطئ، لا علاقة للنشاط في التوصيف والدور، من يعمل مقاولا ويحقق حضورا سياسياً، هذا يقع ضمن الممارسات التي لا ذنب لفلان أو علان بها. المشكلة في الممارسة العابرة للمال والشبكات التي تسيطر على البلدان لعلاقات مخفية ولكنها تتحكم في أصول ومبيعات ومواقف الدول أحياناً.
في المقابل هل المال والسياسة نظير مقابل لمقولة الدين والسياسة، هل من يستخدم المال كمن يستخدم الدين ويوظفه في الحصول على تمثيل سياسي؟ أو بلوغ مصلحة ما؟ هناك شبكات اجتماعية تدعم دور الدين في السياسة، وهناك مصالح تدعم تأثير المال على السياسة.
المقولات والفهم والذهنيات ترى أن كل التجار والمقاولين هم متحكمون اليوم في السياسة، وهذا غير صحيح، هناك حاجة للتفسير والتفريق في صعود الاشخاص وفي تفسير حضورهم في الشأن العام.
الطبيب والمقاول والمهندس هم أصحاب مهن، لكن المال في السياسة يعرف على أنه تأثير المال الموظف والعابر، بحيث تعمل شبكات او جهات او افراد على تقديم شخصيات للحضور في الشأن العام أو التأثير فيه بدعم مالي مستتر، أو اجبار الدولة او شركائها على خيار معين أو الحصول على مواقف محددة، هذا هو المقصود في أثر المال على السياسة.
حين يؤثر رجال أعمال على النقاش في تشريع ليكون في مصلحتهم وحين يشكلون لوبيا محددا، هذا هو تأثير المال على السياسة، وهنا يصبح الأفراد أداة بيد رجال المال، هذا فعل أقرب لعمل المافيا. وحين يستولي اصحاب المال، على الملكيات العامة في الشركات والمشاريع التابعة للدولة يكون هذا بتأثير المال، وحين يسيطر رجال أعمال على مؤسسات الإعلام ويخضعون المشاهد لمنصاتهم الإعلامية، يكون هذا تأثير للمال على المجتمع والدولة وسياساتها، وحين تتبنى منصات الإعلام التابعة لرجال المال اجندة محددة تسير عليها، لتحقيق مراجعات قانونية مثل موضوع الجنسية وتمكين المرأة وتكرار مقولة فشل القطاع العام وضرورة المضي نحو الحريات يكون هذا تأثير بفعل المال. في المقابل يستخدم الدين أيضا، ويشاهد الناس دعاة ورجال دين يستخدمون الدين لخدمة مشروع سياسي معين وتوجه محدد وافكار جاهزة.
المال ليس مقاول بنى واستثمر وصار وزيرا او نائبا او مديرا عاما، فذلك جهد ومسار طويل من النجاح والاخفاق وهو مهنة مثل أيمهنة، إنما المال والسياسة خلق مشاريع لصالح جهة محددة وهيمنة وسيطرة على المشهد العام، بحيث يحدد نادي رجال الأعمال من هو الشخصية التي يجب تلميعها لتكون بديلا لرئاسة منصب حساس في زمن ما أو لتولي منصب محافظ البنك المركزي مثلا أو يحدد من يتولى موقع المدير العام لشركة كبرى فيها مساهمة حكومية وتسير للخصخصة، أو اصدار تشريع ضريبي معين، أو تعديل قانون يمنح امتيازات جديدة وما شابه، وللحديث بقية.