الجرائم الاقتصادية

الجرائم الاقتصادية في شركات المساهمة العامة

وتبقى قناعتي راسخة بأنه ليس لدينا نقص أو خلل في التشريعات والقوانين، وإنما قضيتنا فيمن يطبقها. فإذا نظرنا في آخر مادة في قانون الجرائم الإقتصادية نجد أن المادة رقم 12 تشير إلى أن رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ أحكام هذا القانون. ولكن من هم هؤلاء الوزراء؟ وهل ينتظر الوزراء المعنيين بالجرائم الاقتصادية التي حدثت في العديد من شركات المساهمة العامة بأن يأتيهم التكليف من رئيس الوزراء للتحقيق ومتابعة تلك الجرائم جريمة جريمة.

- بعض الوزراء ومن في رتبتهم من رؤساء الهيئات المستقلة باشروا متابعة هذه الجرائم بعد أن قدم عدد من المساهمين شكاوى ضد إدارات تلك الشركات المنهوبة؛

- وآخرين لم يباشروا متابعة هذه الجرائم إلا بعد أن عجزت إدارات تلك الشركات عن إخفاء جرائمها؛

- ووزراء آخرين ورؤساء هيئات لم يعلنوا بعد أنهم يعلمون عن تلك الجرائم شيئا.

ماذا لو كشفت التحقيقات لاحقا بأن بعض شركات المساهمة العامة قد فقدت المزيد من أموالها بعد أن قدم المساهمون بحق رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات شكاوى إلى دائرة مراقبة الشركات وطالبوا فيها بحل مجلس إدارة الشركة ومحاسبة المتسببين بالخسائر؟ بينما لم تقم دائرة مراقبة الشركات بحل المجلس أو اتخاذ اجراءات لمحاسبة المتسببين إلا بعد شهور من تقديم الشكوى؟ هل كانت تلك مهلة لهم للإجهاز على الشركة بالكامل بحيث تصبح موجوداتها صفرا؟ أم كانت مهلة لإدراج وتعديل بعض الوثائق والأوراق التي قد تساعدهم في إخفاء جريمتهم؟

ماذا لو كشفت التحقيقات لاحقا بأن بعض الشركات المساهمة العامة المنهوبة قد فقدت الملايين من أموالها بسبب المضاربات غير المشروعة من قبل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات وزوجاتهم وأبنائهم وأنسبائهم على مدى سنين على مرأى ومسمع هيئة الأوراق المالية؟ في حين لم تحرك هيئة الأوراق المالية ساكنا إلا بعد أن قدم المساهمون شكاوى ضد إدارات هذه الشركات. ولغاية هذه اللحظة لم يصدر عن هيئة الأوراق المالية أي إفصاح يشير إلى أنها تقوم بأي إجراء أو تدقيق على هذه الشركات المنهوبة. هل كان السكوت على هذه المضاربات غير المشروعة فقط من أجل تحصيل عمولات وغرامات لتغذية ميزانية الدولة مهما كانت الوسيلة حتى ولو كان ذلك عن طريق الجرائم الاقتصادية؟!


ماذا لو كشفت التحقيقات لاحقا بأن أموال الشركات المساهمة العامة المنهوبة قد هربت من البلد من قبل رؤساء وأعضاء مجالس إدارات الشركات وزوجاتهم وأبنائهم وأنسبائهم بعد أن قدم المساهمون بحقهم شكاوى إلى هيئة مكافحة الفساد وطالبوا فيها بالحجز على أموالهم، في حين أن مكافحة الفساد لم تقم بهذا الإجراء إلا بعد مضي شهور من تقديم الشكوى!؟ هل احتاج الأمر كل هذا الوقت كي نحصر الأدلة التي تثبت أن فلانا/رئيس مجلس إدارة الشركة قد سرق عشرات الملايين من الشركة؟ أم كانت مهلة لتهريب الأموال قبل أن تساعدهم جهة أخرى على تهريب الأشخاص؟


ماذا لو كشفت التحقيقات أن هذه الجرائم الاقتصادية حصلت بعلم وموافقة وإشراف ومباركة مراقب عام الشركات (السابق والأسبق) ورئيس هيئة الأوراق المالية (ليس السابق لأنه لا يوجد سابق)؟ ألا يجب تقديم هؤلاء أيضا للمحاكمة وفقا لقانون الجرائم الاقتصادية؟

د. قاسم النعواشي