هيا نلعب لعبة التشكيك !!
منذ مدة و أنا منقطعة عن الكتابة و لا أشعر برغبة في تفريغ ما في ذهني إلا كما في حالة اليوم القلم يفيض ليُفرغ جزءا مما يدور في عقلي و وجداني ، و بكل ما عندي من طاقة للعب و بكل ما آتاني الجو الصيفي الحار من ملل سأدعو الجميع ليلعبوا معي !! .
في هذة الفترة الملونة بنكهات الجمعة - صاحبة الاسماء العديدة و الآثار الشديدة - لا يجدي نفعاً أي لعب غير سياسي ، فلا السلّم و الحيّة و لا صيد الحمام مسلّي ، هناك ما هو مُسلٍ أكثر ... لعبة التشكيك !! .
تعالوا نتعلمها ،
هي بين طرفين و لتكون قادراً على اللعب عليك أن تتبع الخطوات الأتية : أتخذ موقفاً مع أو ضد ، مؤيد أو معارض و فقط ، الآن زج بكل التهم الباطلة و المرفوضة و المكشوف زيفها على من يقابلك ، ادّعي الوطنية و تعلم كيف تتحدث عن المصحلة العامة ، القليل من الحديث عن التفرقة يلزم ، سخّن الأمور بمقاطع فيديو و مقالات يومية ، القليل من البهارات في حال لزم الأمر ، استدعي كل من تعرف من سُذّج يسهل اقناعهم بأي كلمتين ليكونوا سنداً لك في الخلف ... الآن أنت جاهز ... انزل بكل قوتك و جبروتك إلى الساحات و قابل الطرف الآخر فهو أيضاً في الميدان ! ، طالب بما تريد و بما يملي عليك موقفك من مطالب و إذا مللت – مع أنها لعبة مسلية – و قد تستغرق شهوراً ، لا تعد إلى المنزل ، فأنت أقذر الآن مما تتصور ، أنت الآن لا تستحق الدخول إليه !! .
هذة ليست لعبة و لا يحزنون ، هذة سياسة فريقين وصل الحد بهما إلى التشكيك بالطرف الآخر طوال الوقت ، لا أتحدث هنا أبداً عن فئة اللاعبين الرئيسين من حكومة و برلمان فأوراقهم مكشوفة هم و كل متنفذ في هذا البلد ، فلا التشكيك و كلامهم ضد الإصلاح يجدي نفعاً و لا حتى لو نزلوا الى الشارع مع الشباب يهتفون بذات المطالب سيغفر و يرحم ما ارتكبوه في حق البلد من جرائم ! .
أنا أتحدث عن المثقفين و الكتاب و الصحفيين و الأحزاب و محللي السياسة و الاجتماع و النقابيون و الفنانون و الشباب و الطلاب و العائلات البسيطة المعدمة و العائلات الثريّة المثقفة !! ، أنا أتحدث عن كلنا ! بكل فئاتنا و تصنيفاتنا .
ألا يمكن أن نكون في خندقٍ واحد ؟ أليست مصالحنا واحدة ؟ ألم يكن أمننا هماً مشتركاً و رعاية كل عائلة محتاجة و شاب يتيم و أسرة لا من يعولها هماً يؤرقنا ؟ أليس حساب السارقين مسؤولية الجميع إلا ابليس ؟ هو الصامت الوحيد الكامن وراء الاشياء و الذي نتعوذ منه ليل نهار لكنه راقد فوق جثامين أحيائنا قبل أمواتنا !! .
لماذا يجب على الكاتب أن يتبنى مواقفاً غاية في السخف يهدد فيها و يزبد و يرعد للطرف الآخر ؟ لماذا تسيس اعلامنا حتى ما وجدنا محطة ترحم الطرف الآخر ؟ لماذا نتبنى مواقف مسبقة و لا نضع أنفسنا في خندقٍ واحد ؟ لماذا نشكك في شباب محترق تكاد الروح منه تصعد لكن بارئها لم يأذن بعد من صعوبة الحياة و غلق كل منافذها في وجهه يومياً و عندما يتكلم نكيل له الإتهام و الوعيد ! .
عزيزي لاعب الشطرنج المحنك .... و يا لاعب الأحزاب القدير ... و يا جالساً متربعاً على كرسي التشكيك الوثير ... انزل عندي لحظة .... سترى ماذا أريد ... و إذا أعطيتني .... سأغرب عن وجهك في الحال !! لا تتمنن عليي أعد فقط ما سرقته مني ! أعد كرامتي ... علمي حضارتي فكري و نهضتي .... افتح الأبواب الموصدة بأقفالك في وجهي .... خلي سبيلي و اترطك يداي المكبلتين بحب الوطن .... فو الله لولا خوفي على أمنه و استقراره لرأيت العجب ! .
كل منا يقول عن الآخر انه مسيس ، و له أجندات و عميل و صاحب تفكير أمني يدعو إلى الفوضى اللاخلاّقة ... كل منا ينظر الى الآخر على أنه بالتأكيد لا يعرف مصحلة الوطن .... ليس كل من هو ضد الحراك الشعبي يصح أن نقول عنه بلطجي و ليس كل من هو مع الحراك يصح أن نقول عنه مندس ! كلانا خائفين على أمن و استقرار البلد و خط سيره المجيد ، إن أنا أردت الاصلاح فعندي أسبابي التي أراها تبرر وجهة النظر هذة و بها يعود الاستقرار و يثبت الأمان و تعود الحقوق إلى أصحابها و يحاكم المجرمون ، و إن أنا عارضت النزول إلى الساحات فعندي أيضاً أسبابي أقلها خوفي على الدماء و جر الشارع إلى التوتر ! .
دعوا برنامجنا المقبل يكون النزول إلى خندقٍ واحد ... لا تناقشني بتسجيلاتك التي امتلكت و جئت تطير بها فرحاً بأنك امتلكت الدليل على جرمي ! ، سأتثني من هذا الخندق كل عائلات المتنفذين و الوسطجية المنتفعين ببقاء الحرامية متربعين على كراسي الدولة و سنحرق وجوههم بحقائق تخزيهم و تنزلهم عنها .....سأستثني من هذا الخندق كل حزبي متنفع من خلع الحرامية عن الكراسي و كل متسلق على ظهري ! .... سأبقيك أنت وحدك فوق ظهري و في حبّات العيون .... و سأجوب الدنيا أخبر العالم عنا .... أنا و أنت .... يا وطني !