د. أحمد أبو غنيمة يكتب بصراحة: عندنا دولة المخابرات وليس مخابرات الدولة !!!!!

 

د. أحمد أبو غنيمة يكتب بصراحة: عندنا دولة المخابرات وليس مخابرات الدولة !!!!!

 

لم يَصدُق رئيس مخابرات سابق القول قبل عدة سنوات في لقاء جمع ملك البلاد بكبار السياسيين في البلد في تلك الفترة حين رد من يقول أننا " دولة مخابرات " حينها رد رئيس المخابرات بأننا – والكلام على لسانه " مخابرات دولة ولسنا دولة مخابرات " !!!!!

ما يجري في الأردن منذ سنوات عدة، كانت ذروتها في تزوير انتخابات 2007 البلدية والنيابية، كان مؤشراً على تغليب المعالجة الامنية على السياسية في تعاطي الدولة مع قوى المعارضة آنذاك، حيث أن الحكومة البخيتية آنذاك، أعطت الضوء الأخضر لأجهزتها للإجهاز على العملية الانتخابية سواء في الانتخابات البلدية أو البرلمانية لإرسال رسالة قوية وحاسمة للأخوان والمعارضة أن اليد الطولى في الأردن لن تكون سوى للدولة ولأجهزتها الأمنية ولن يُسمح لأاي كان أن يلوي ذراع الدولة كما اعتقدوا وتوهموا !!!!!

وحين نقول " دولة المخابرات " فإن هذا لا يقتصر على جهاز المخابرات لوحده، بل يمتد ليشمل كل من يدور في فلك المعالجة الامنية في التعاطي مع قضايا الوطن، فيدور في هذا الفلك كُتاب التدخل السريع الذين تُجيّشهم الدولة عند التعاطي مع الشؤون الداخلية في تبني وجهة نظر الدولة، كما يشمل نواب الفزعة الذين أوصلتهم اجهزة الدولة إلى مقاعدهم النيابية سواء في انتخابات 2007 و2011 اللتان شهدتا عمليتا تلاعب تحدثت عنها القوى السياسية ومراكز الرصد الأردنية والغربية، كما يشمل هذا الفلك الفزيعة والسحيجة الذين تمدهم الدولة بقوة لا مثيل لها ولا حدود لها، فتسمح لهم وتحت سمع وبصر وسائل الإعلام بأن يشتموا المعارضين وينعتوهم بأقذع العبارات واحطّها ، فلا يتورعون وهم يرفعون صور الملك عن الطعن في أعراضنا ونسائنا دون حسيب ولا رقيب، لا مخافة من الله ولا حياءً ولا خجلاُ من سوء ما يقولون ويفعلون !!!!!

ولا نغفل ان نذكر فئة أخرى مهمة تدور في فلك التعاطي الأمني الذي اختلقته دائرة المخابرات وعززته من خلال أبواقها الإعلامية سواء من خلال بعض المواقع الإلكترونية التي تتعاطى مع أخبار المعارضة والحراك الشعبي كما لو تكون تتعاطى مع أعداء للوطن وللنظام، أو بعض الإذاعات القريبة من الدولة التي اعتاد بعض مدّعي الإعلام فيها تجييش فئات من الشعب ضد فئات أخرى بحجة الولاء والإنتماء للوطن والملك في مقابل شيطنة وتخوين المعارضين للسياسات الحكومية المتهالكة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً !!!!

ما أوصلنا إليه التعاطي الامني مع قضايا الوطن جرّأ الكثيرين على اتهام قوى المعارضة والحراك الشعبي وشخصيات سياسية أردنية وطنية بانهم ينفذون أجندات امريكية استناداً إلى تصريحات المسؤولين الامريكيين الذين دعوا إلى ضبط النفس !!!! ، ويتناسى هؤلاء الذين يتهمون المعارضة والحراك الشعبي بهذه التهمة السقيمة بأن نظامنا السياسي الأردني ومنذ نهاية الخمسينيات يدور في فلك السياسة الامريكية ويعتبر حليفاً استراتيجياً لأمريكا في المنطقة، لا يستغون عن الأردن في المنطقة ولا يستغني الأردن عن أمريكا في المجالين السياسي والإقتصادي على حد سواء !!!!

وأخيراً وليس آخراً، فإن من نتائج سياسات دائرة المخابرات في تغليب الطابع الامني في التعاطي مع قضايا الوطن، ما نشهده من ظاهرة البلطجة والزعرنة والتشبيح وحمل السيوف والخناجر والأسلحة البيضاء في مسيرات الولاء والإنتماء والتي تحظى بدعم الدولة واجهزتها الأمنية، حيث لا يُعقل أن تستمر هذه الظاهرة تحت سمع وبصر الدولة واجهزتها، ولعل هذا ما كشفت عنه أحدى وسائل الإعلام حين أكدت أن رجال الأمن الذين يتواجدون في مسيرات الحراك الشعبي والمعارضة ينادون هؤلاء الزعران والبلطجية بأسمائهم الصريحة ويرجونهم ان يُسلموا لهم الأسلحة التي بحوزتهم !!!!

 

حين تفقد الحكومات ورؤسائها زمام أمرهم من خلال تخليهم طواعية عن الولاية العامة الموكولة إليهم لإدارة شؤون البلاد والعباد، لا يكون هناك مجال للإستغراب أن تصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه، لأن من يدير شؤون البلاد والعباد هي السياسات الأمنية التي تشرف عليها وتديرها وتوجهها دائرة المخابرات العامة !!!!!

متى تعود الولاية العامة للحكومة ؟؟؟؟ ومتى نتخلص من السطوة الأمنية التي تقودنا إلى المجهول ؟؟؟؟ ومتى نتخلص من سياسات التجييش التي تعززها الدولة وأجهزتها ضد المطالبين بالإصلاح والمنادين بمحاربة الفساد فلا يصبحوا شياطين وماجورين ويتبعون أجندات خارجية تتامر على البلد والنظام ؟؟؟؟

متى ومتى ومتى .....

نريد لدولتنا أن تكون دولة تعود فيها المخابرات إلى دورها الأساسي في حماية جبهتنا الداخلية والخارجية من الأخطار الحقيقية التي تتهددنا صباح مساء ....

وهل سنبقى نسمع الطعن في أعراضنا ونسائنا إلى ما لا نهاية ؟؟؟؟

متى تكون مخابراتنا " مخابرات دولة لا دولة مخابرات " ؟؟؟؟

نأمل أن لا يطول انتظارنا !!!!