المحامي فيصل البطاينة يكتب : التعديلات الدستورية ضرورة وطنية
بداية لا بد من الإشارة إلى أن التعديلات الدستورية المعنية بهذا المقال هي التعديلات التي تستوجبها مبادئ القانون الدستوري و الظروف التي تمر علينا في المنطقة بعامة وفي بلادنا بخاصة وبعبارة أوضح أنها ليست التعديلات التي يسعى لها أصحاب الاجندات الخاصة وفي مقدمتها الاحزاب السياسية بهذه الأيام وفي مقدمتها حزب جبهة العمل الاسلامي.
التعديلات الدستورية التي نعنيها تبدأ من تعارض بعض مواد الدستور مع بعضها البعض أو مع القوانين الصادرة بمقتضاها ، كالمادة السادسة من الدستور التي تنص على ان الاردنيين امام القانون سواء والمادة 55 التي تنص على محاكمة الوزراء امام مجلس عالي على ما ينسب اليهم من جرائم ناتجة عن تأدية وظائفهم ، والمادة 102 من الدستور التي تنص على ممارسة المحاكم النظامية حق القضاء على جميع الاشخاص باستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء الى محاكم دينية او محاكم خاصة بموجب احكام هذا الدستور.
وبهذا الخصوص لو لم يكن هذا التعارض بالدستور لما وقف رئيس الحكومة بالأمس امام مجلس النواب ليسأل عن قضية الكازينو ويتبع اساليب غير قانونية في الاسترضاء والمجاملة من اجل ألاّ يصوت البعض على اتهامه او يجري التحقيق معه من قبل لجنة تحقيق نيابية خاصة انها قد تضم رجال قانون اصحاب خبرة للتحقيق والاتهام وقد لا تضم .
ولو لم يكن هذا التعارض بالدستور لما حفظت بالادراج قضية برنامج التحول الاقتصادي التي تمثل اخطر قضية فساد في بلادنا بالقرن الحادي والعشرين والتي بطلها وزير سابق مثل باسم عوض الله ومن اشترك معه من الوزراء .
ولو لم يكن هذا التعارض بالدستور لما طويت صفحة قضية سكن كريم لعيش كريم ولما استثني الوزراء ورؤساء مجلس الادارة وغيرهم في قضايا توسعة المصفاة او موارد او غيرها ، ولو لم يكن هذا التعارض بالدستور لما جرى الالتفاف على الدستور وعلى قراري المجلس العالي لتفسير الدستور من اجل انشاء نقابة للمعلمين لينتهك الدستور على يد حكومة البخيت من بيت الديمقراطية بشقيه .
و لم يكن هذا التعارض بالدستور و بالقوانين لما اقتضت الضرورة الإلتفاف عن انشاء المحكمة الدستورية التي إن وجدت ستوقف معظم مخالفات الدستور و القوانين التي مورست و تمارس على مدى الأيام .
و خلاصة القول لا بد من التأكيد على وجوب الإبتعاد عن التعديلات الدستورية التي ينادي بها أصحاب الأجندات الخاصة و في طليعتها تقليص صلاحيات الملك و إعطائها لأناس لا يمكن أن يكونوا بحرص الملك على استمرارية الدولة بعناصرها الثلاث خاصة في ظل عزوف الأغلبية الأردنية الساحقة على الإنتساب للأحزاب التي قد عرفناها ظاهرها حلو و باطنها سم قاتل تعودنا عليها بأحسن صورها عبارة عن شللية غايتها المصلحة الخاصة و تقسيم الأسلاب و الغنائم الوظيفية أو المادية . و التي كان من الممكن أن يعوضنا عنها وجود النقابات و الإتحادات المهنية التي غايتها لا تتعدى مهننتها .
و أخيراً فإن التوسع في التعديلات الدستورية له محاذيره التي قد يتسلل من خلالها أصحاب الأجندات الخاصة الى مواقع المسئولية و القاعدة الفقهية تقول ( أن الضرورة تقدر بقدرها ) و يكفينا أن تجري التعديلات بما يتفق مع قانوني أحزاب و إنتخاب عصري هدفهما إيصال المعنيين بمصلحة الأردن العليا من الغالبية الصامتة التي تؤمن بالثوابت الأردنية وحدها و البعيدة عن الأجندات الخاصة و تعديلات دستورية تؤمن بمرتكزات الدستور القائمة على تفعيله و على مبادئ فصل السلطات و المساواة أمام القانون و بسيادة القانون و استقلال القضاء و عدم تغول أي سلطة من سلطات الدولة على غيرها .
و إن غداً لناظره قريب ....
بناء على طلب الكاتب نعتذر عن قبول التعليقات