مداخلة دستورية من مواطن أردني

مداخلة دستورية من مواطن أردني

رشح في الأيام الأخيرة بعض التسريبات وربما الأخبار عن أن لجنة تعديل الدستور شارفت على الانتهاء من مُهمتها وسترفع توصياتها للجهات المعنية وقرأنا في المواقع المُختلفة تقريراً عن الصيغ النهائية للتعديلات المُقترحة وعليه أُبدي ملاحظاتي كمداخلة من مواطن عادي متخصص بالهندسة وليس قانوني مُحترف وإنما مواطن أردني عادي جداً:  

أولاً . أي دستور لا يُشارك الشعب في صياغته وتعديلاته مُشاركة فعلية كاملة بواسطة ممثليه وممثلي كافة أطيافه وشرائحه وقطاعاته هو دستور غير كامل الشرعية  وتعريف الدستور الفقهي اللغوي هو العقد بين الحاكم والمحكوم وبصيغة عصرية-  العقد بين الشعب والدولة – أي أن الشعب يحدد ثوابته ويأتي بمن يحكم بهذه الثوابت ويتعهد بعدم الإخلال بِها ويلتزمون له بالطاعة ما دام على العهد وإلا لا طاعة له عليهم.

ثانياً. أي عقد وأية تعديلات لا تتم الموافقة عليها باستفتاء من قِبل الشعب تُنتج دستور مشوب بعيب نقص الشرعية وفي كل الأحوال الشعب مَصدر السُلطات ولا يجوز تجاوز الشعب في الصياغة والتعديل والنقاش والإقرار حيث أن مجلس النواب مشوب بعيب انه جاء بِحكم قانون مؤقت وضعي من صناعة الحكومة – السلطة التنفيذية – فعن أي فصل بين السلطات وعن أي مَنع للتغول من قبل السلطة التنفيذية يتكلمون؟.

ثالثاً. أي تعديلات لا تضع منعاً واضحا لتدخل السلطة التنفيذية في إقرار القوانين وفرضها ولا تمنع إقرار قوانين مؤقتة بشكل نهائي لا لبس فيه لا يمكن وصفها إلا بالمُتحيزة لصالح السلطة التنفيذية.

رابعاً. عن أي فصل للسلطات يتكلمون والسلطات جميعها مربوطة برأس واحد للسلطة ((الملك)) وهذا يعني نفي صفة الفصل بينها ومسألة الفصل بشكل عام تم تحميلها مُهمة النفخ في الموضوع بقصد وبلا معنى ويندرج في صيغة عدم وجود نية بالإصلاح الحقيقي وكل توجهات الإصلاح من قِبل الدولة هو ضحك على الذقون.

خامساً. أي تعديلات تُغفل الإشارة بشكل واضح لا لبس فيه لوضع آلية لاستقلال القضاء وانتخاب  مجالسه وإلغاء جميع المحاكم الاستثنائية وعلى رأسها محكمة أمن الدولة فهي تعديلات عرجاء لا تنسجم مع العصر والمرحلة ولا تصلح لأردن يواكب الحداثة يحترم مواطنيه ويُراعي حقوق إنسانه.  

سادساً. أي تعديلات  لا تُشير إلى (( الشعب – ألأمة - مصدر السلطات)) وتُفسرها ولا تضع صيغة واضحة لتشكيل الحكومات في إطار أكثرية انتخابية تحكم وأقلية تُعارض فهي تعديلات مشوبة بسوء النية.

سابعاً. أي تعديلات وأية كلام يستخف في عقول الأردنيين ولا يُراعي حجم التطور الحاصل في الدنيا ولا يُراعي المسافة من 1952 حينما كان (دوار الداخلية برميل) إلى 2011 حيث ثورة الاتصالات والخلوي والفيس بوك والتويتر وقوقل هو جريمة بحق الإنسانية وإهانة في عنواننا كأردنيين.

ثامناً. أي تعديلات تقود إلى دسترة الاتفاقيات الدولية السابقة واللاحقة وعلى سبيل المثال لا الحصر اتفاقية وادي عربة هو رِدّة وانتهاك صارخ ومُصادرة لعقول الأجيال القادمة ومستقبلهم حيث أن الاتفاقيات الدولية بين الدول تكتسب شرعيتها من شعبيتها ويتم عقدها من قبل حكومات منتخبه ويُصادق عليها الشعب بمجالسه المنتخبة بشفافية وفي غير هذا الإطار هذا التفاف على أرادة الناس وأجيال المُستقبل القادمة ومُصادرة بأثر رجعي وبطريقة رجعية فَضة لحقوقهم وتفكيرهم وأرادتهم، وهل نص دستور دولة العدو الصهيوني على فقرة تخص حدود دولتهم والاعتراف بالأردنيين ووطنهم تاريخاً وجغرافيا وديمغرافيا؟!.

تاسعاً. أي تعديلات تَمس روحاً ونصاً بالمواد التي تُشير بوضوح لا لبس فيه أن مُلك المملكة الأردنية الهاشمية لا يُتنازل عنه ولا يُسمح بانتقاصه هي تعديلات بائسة ومحاولات يائسة لتغطية ما تم التغاضي عنه في مسائل اتفاقية وادي عربة وفك الارتباط  والخصخصة ففي الأولى تم التنازل عن أراضي الضفة الغربية والقطاع وفي الثانية تخلي عن مسئوليات الدولة تجاه جزء من أراضيها وجزء من شعبها مما خَلق إشكالية مواطنة نُعانيها الآن فكيف يتم التنازل للعدو المُحتل عن الأرض ويُقبل مواطني هذه الأرض في سياق إعفاء المحتل من مسئولياته تجاه الشعب المُحتل وعليه فان الشعب الأردني الشرق الأردني والقادمين من فلسطين المُحتلة هُما شعب واحد لهما كافة الحقوق والواجبات وعليهم جميعا واجب تحرير المُحتل من أرضهم إعداداً وفعلاً  واستعداداً وكل ما بُني على باطل هو باطل وفي هذا النهج يثبت بطلان اتفاقية وادي عربة وقانون فك الارتباط والخصخصة لأن فيها تنازل عن مُلك المملكة الأردنية الهاشمية.

عاشراً. أي تعديلات تمس روحاً ونصاً بمواد الدستور التي تُشير صراحةًً أن الشعب الأردني جُزء لا يتجزأ من أمته العربية والإسلامية هي تعديلات باطلة ومنافية لمنطق الحال، وعليه فان قانون مُكافحة الإرهاب مُخالفة دستورية وفي حدود هذه المادة يحق للأردني الدفاع عن أمته ومحاربة المُعتدي عليها في جنوب لبنان والجولان أو في فلسطين أو في بغداد وربما في جيبوتي وليبيا؟!.  

حادي عشر. أي تعديلات تترك الباب مُشرعاً لتدخل مجلس الأعيان المُعين في ديمقراطية القرار وصفته كثلث مُعطل مع السلطة التنفيذية هي دَسترة لدكتاتورية القرار بطريقة القرون الوسطى ولكن بلبوس القرن الحادي والعشرين ومجلس الأعيان يجب أن يكون مُمثلا لِكل قطاعات الشعب ويقتصر دوره فقط على تقديم المشورة لرأس الدولة ولجميع السُلطات في إطار المشورة الغير مُلزمه.

وعليه فإننا بحاجة إلى أن يُصار إلى لقاءات عصف ذهني مفتوحة مع المواطنين والمهتمين مِنهم مع لجنة التعديلات الدستورية دون غياب أحداً من أعضاء اللجنة الكريمة في جميع محافظات المملكة ومناطقها وليكن الابتداء من محافظة الكرك بحيث يكون اللقاء مع المواطنين وكما لجنة الحوار ولكن في قاعة مُجمع النقابات المهنية مُرحباً بهم أهلاً وسهلاً .

على جميع أطياف المُعارضة وقيادات الحراك الشعبي أن تبدأ بإعادة صياغة دستور / تعديلات دستورية لتكون دستور ظِل ومعالم طريق لأصحاب القرار للاهتداء به في قادم أيامهم وكذلك قانون انتخاب ظل يتوافقون عليه.

حمى الله الأردن وحقن دماء أبناءه وبناته وحفظهم من كل سوء - كلهم بلا استثناء وأياً كانت أصولهم ومنابتهم واتجاهاتهم ومناهلهم.

    د. م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com     tel:0795482538