تعليقات القراء .. استطلاع مجاني مهدور

 


لا ادري ان كان لدى الحكومة مركز لرصد تفاعل الاردنيين مع الحراكات الشعبية منذ الجمعة الماضية الى الان , اي قراءة مزاج الاردنيين خلال اسبوع من احداث ساحة النخيل , ولا ادري ان كانت هذه المزاجية مرصودة بشكل علمي على المواقع الاخبارية التفاعلية التي تقدم خدمة مجانية لكل صاحب قرار من خلال تعليقات المشاركين.

مواقع الصحف اليومية التفاعلية «الدستور والغد والعرب اليوم والسبيل» تُخضع تعليقات القراء الى مراقبة تحريرية ومهنية وكذلك موقعا خبرني وعمون على وجه الخصوص ونسبيا موقعا سرايا ورم. لذا يمكن الاستئناس برأي المعلقين كعينة عشوائية عن الاردنيين في تلك الوسائل الاعلامية خاصة ان المعلقين ايضا من مستويات ثقافية متباينة وفيهم رسميون وموظفون سابقون اي انها عينة نموذجية لقراءة مزاج الشارع خاصة وان التقنية الحديثة تستطيع كشف التعليقات القادمة من مصدر واحد ومن اي مدينة او بلد.

وهذه فرصة لقراءة مزاج الاردنيين على اختلاف تلاوينهم السياسية والمناطقية فهناك خدمة توفرها «غوغل ايرث» تستطيع من خلالها معرفة اماكن سكن القراء في المحافظات مثلا وحتى في الاحياء, وهذه الفرصة يجب الا تضيع على المهتمين بالعمل العام وخاصة الوزراء المعنيين برصد المزاج السياسي العام او رصد رضى متلقي الخدمة للوزارات الخدمية.

طوال الاسبوع الماضي حاولت رصد ردود فعل الاردنيين على الحراك الاخير او ما بات يعرف بحراك 15 تموز, حيث ابدى اكثر من ثمانين بالمئة من القراء رفضهم لهذا الحراك وشعاراته من الاعتصام المفتوح الى اخر المطالب وحتى صحيفة السبيل التي اعلنت مساندتها للحراك نشرت الكثير من التعليقات التي هاجمت الحراك ولم تسلم هي من انتقادات المعلقين, وكانت النسبة في السبيل خمسة «رفض للحراك» الى واحد «مؤيد للحراك».

مقابل ذلك، يوجد اجماع على ضرورة الاصلاح ومحاسبة الفاسدين ولكن الاختلاف على الطريقة والاسلوب ومنح الحكومة فرصة زمنية, مع اجماع على نبذ العنف الشرطي والدركي حيال المتظاهرين والصحفيين، فمن كل التعليقات لا يوجد اكثر من 3% ايدوا استخدام العنف ضد المعتصمين في ساحة النخيل.

ما يجري يقود الى ترتيب اولوية الاردنيين حسب تعليقات القراء غير المتكررة طبعا في هذه الفترة الزمنية المليئة بالحراكات الشعبية من قوى غير معروفة مسبقا, فالامن والامان ثابت اردني شعبي مقدم على الاصلاح ومحاربة الفساد تحتل المركز الثاني من خلال تحليل مضمون التعليقات يليها الاصلاح السياسي, ويرز بجلاء في الاسبوع الاخير حالة ملل شعبي من تكرار الاعتصامات والمظاهرات كما قال المعلقون انفسهم.

قراءة التعليقات وتحليل مضمونها ليست مسلية فقط بل تكشف مزاج الناس وتكشف همومهم خاصة وان غياب الاسماء يعطي صدقية للتعليق ويكشف ما يدور في العقول والوجدان, ويمكن البناء عليه لاثبات رغبة الشارع الحقيقية من خلال عينة مجانية غير مكلفة ولا تحتاج الى استبيانات وعطاءات وموازنات لمراكز الدراسات التي باتت نتائج استطلاعاتها ممجوجة وغير حقيقية وتخضع لمزاج السؤال نفسه.

التعليقات فرصة للحكومة كي تعرف نبض الناس وتكشف زيف الادعاء الرسمي والحزبي بمعرفة هذا النبض, والتعبير عنه وحجة تمثيل الشارع, فالشارع حسب المعلقين لم يمنحوا احدا توكيلا للحديث عنهم, واعتقد ان وزير الدولة لشؤون الاتصال والاعلام معني بهذا الرصد واعداد تقرير اسبوعي سيساعد الحكومة وفريقها كثيرا.

omarkallab@yahoo.com