المحامي محمد الصبيحي يكتب : مع وضد الأمن العام

حين يتحول العمل السياسي إلى نكايات ومناكفات فهذا دليل على نخب السياسة وترك الشارع لقيادة الهواة والمأزومين حياتيا ونفسيا.

أقول هذا الكلام وأنا أشاهد شارع المطالبة بالإصلاح يتحول من القضية الأساسية إلى جماعات مناكفة , فواحدة تطالب بالاعتصام تأييدا للصحفيين ونكاية برجال الأمن وثانية تطالب بالاعتصام تأييدا لرجال الأمن نكاية بالمتظاهرين والصحفيين، وتوجه ثالث يطالب بمكافآت للشرطة ورفع رواتب , بالطبع نكاية بالمعارضة السياسية، وهكذا يتحول النشاط السياسي من حوار عقلاني وبرنامج عمل وطني إلى تخندق ونكايات وتشفي.

وحتى العمل الصحفي الميداني يتحول في جزء كبير منه مشاركة سياسية وليس تغطية إعلامية فيصبح رجال الصحافة جزءا من الحشد السياسي لا جهة رقابة ونقل معلومة باحتراف ومهنية وحين يتعرض صحفي للضرب يخرج ليصرح بأنه سيحرق عمان (إعلاميا) في حين شاهدنا زملاء تعرضوا للاعتداء فلم يزدهم ذلك إلا مهنية واحترافا وحيادا حتى لو تقدموا بشكوى رسمية.

ما يبدو نتيجة ذلك كله أن الشارع بدأ يخرج عن سيطرة منظمي الاعتصامات والمسيرات سواء المعارضة منها أو المؤيدة وأن المناكفة والتحدي بين الفريقين أصبح عبئا مزدوجا على رجال الأمن العام وينذر بدخول عناصر مغرضة بين الفريقين والا فما معنى نشر رجال شرطة فوق أسطح المنازل حول المسيرات خشية أن يندس من يطلق النار على المتظاهرين فتنهض كل عشيرة مطالبة بدم أبنها !!.

هل يدرك منظمو المسيرات من الفريقين أن سقوط قتيل واحد سيؤدي الى ما لا تحمد عقباه؟؟ الا يتذكر هؤلاء الظروف العشائرية والأمنية التي كانت تحدث أكثر من مرة عندما يقتل مطلوب على جريمة كانت تطارده الشرطة؟؟.

لو جندت جهة مشبوهة أو عبأت شابا فأختبأ في شرفة وأطلق النار على المتظاهرين فمن سيقنع المعارضة أن رجال الشرطة أبرياء من الجريمة؟؟ ومن سيوقف سيل التقارير الإعلامية عن الذي يقنصون المتظاهرين؟؟.

أليست حكمة أن يرافق رجال الشرطة المسيرات بأيديهم العارية بدون أسلحة ولا هراوات؟؟.

علينا أن ندرك جميعا أن تأجيج الشارع وتحشيده في الاتجاهين سيؤدي لا محالة الى خروجه عن السيطرة تحت وطأة الهتافات والأغاني والاناشيد الوطنية والمناكفة بالأعين والأيدي والحناجر، ولن يتمكن منظمو المسيرات من السيطرة عليها وسيكونون أول من يتنصل من المسؤولية ويبحث عن قميص عثمان.

الآن وقد وصلت الرسالة، نريد الاصلاح ومحاربة الفساد فان طاولة الحوار بدون شروط مسبقة هي المكان الصحيح لتحقيق النتائج الايجابية، ولو استفتينا الشعب حول قبول أو رفض المسيرات والاعتصامات فان النتيجة معروفة لكل من يختلط بالناس ويسأل.. الشعب لا يريد لا مسيرات واعتصامات المعارضة ولا مسيرات واعتصامات المناكفة والمزاودة.. الشعب يريد الاصلاح السلمي الهادىء بما عرف عن الأردنيين من تسامح وصبر وعقلانية، اصلاح ضمن برنامج زمني معلن ومتفق عليه بين الجميع ولينصرف كل واحد الى عمله ورزق عياله