قمة روسية – إيرانية – تركية في أنقرة تُرَّسِخ المكاسب وتوزع الأدوار ومناطق النفوذ في سوريا

أخبار البلد - تكتسب أعمال القمّة الثلاثية حول سوريا التي عقدت أمس بمشاركة رؤساء تركيا رجب طيب اردوغان، وروسيا فلاديمير بوتين، وإيران حسن روحاني، التي انطلقت في العاصمة التركية أنقرة، أهمية من حيث الملفات المطروحة التي يتصدرها تقاسم النفوذ وترسيخ المكاسب وتوزيع الأدوار على الاراضي السورية، لا سيما بعد التطهير الطائفي أحياناً والسياسي أحياناً أخرى، الذي حققته الشراكة الروسية – الإيرانية في محيط العاصمة دمشق، وحصر المعارضة السورية في بقع جغرافية صغيرة ضمن خيارات محسومة، الأمر الذي كان بمثابة رسالة روسية لامريكا وللمجتمع الدولي وللداخل الروسي، رأى فيها البعض اعلاناً روسياً باستعادة بوتين الدور السوفييتي في العالم، والقول بان سوريا التي عرفت قد انتهت، وإن موسم الحصاد الاقتصادي آن أوانه وتوزيع التركة السورية، في وقت اعلن فيه الجيش التركي، إنشاء نقطة مراقبة ثامنة له في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وفي هذا الإطار عقدت امس القمّة الثلاثية المُغلقة حول سوريا، داخل المجمّع الرئاسي في أنقرة، وذلك بعد حوالي 4 شهور من قمّة مماثلة بمدينة سوتشي الروسية، وشارك في القمّة من الجانب التركي، رئيس الأركان خلوصي أكار، ووزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو، والطاقة براءت ألبيرق، والدفاع نور الدين جانيكلي.

وأعلن البيان المشترك للقمة الثلاثية التي استضافتها أنقرة، رفض كل المحاولات الرامية لخلق واقع ميداني جديد في سوريا تحت ستار مكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن قمة الرؤساء الثلاثة، بحثت التطورات التي شهدتها سوريا منذ القمة الثلاثية الأولى التي انعقدت العام الماضي في مدينة سوتشي الروسية، ولفت إلى أن الزعماء الثلاثة أعربوا عن سعادتهم للاسهامات الإيجابية لمسار أستانة في إيجاد حل للأزمة في سوريا.

وأكد البيان أن صيغة أستانة هي أكثر مبادرة دولية فعالة من ناحية المساهمة في غرس السلم والاستقرار في سوريا عبر تسريع عملية جنيف الرامية لايجاد حل سياسي دائم للصراع السوري، والمساعدة على خفض وتيرة العنف في عموم سوريا، وأضاف أن الزعماء الثلاثة شددوا على مواصلة التعاون الفعال فيما بينهم بهدف احراز تقدم في المسار السياسي الذي نص عليه القرار 2254 الصادر عن مجلس الامن الدولي وتحقيق هدنة دائمة بين أطراف النزاع، مشيراً إلى أن رؤساء الدول جددوا التزامهم بقوة سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وحدة ترابها وبنيتها غير القائمة على جزء معين، معربين عن إصرارهم على التصدي للأجندات الانفصالية في سوريا.

«بوتين الانتهازي»

المحلل السياسي المهتم بالعلاقات الدولية محمد العطار رأى ان بوتين قبيل هذه القمة وبالنظر إلى الواقع السوري الآن فقد أثبت للمجتمع الروسي والعالم، دقة وصحة نظرته الاستراتيجية الثاقبة اذ استطاع التدخل في سوريا بالوقت المناسب، فقد انتهز نهاية حكم اوباما واستغل انشغال العالم عما يجري في سوريا، حيث خطط في الوصول إلى المكاسب الروسية واستطاع الوصول اليها، (المياه الدافئة والقواعد البحرية والبرية والجوية والنفط والغاز وإلحاق سوريا بالكامل حيث تدار من مكتبه في الخارجية الروسية او من قاعدة حميميم). مشيراً إلى ان بوتين هو الذي شكل الحلف الثلاثي – التركي – الروسي – الإيراني- وأدار اجتماعات «استانة» و»سوتشي» وغيرها من الاجتماعات التي أجبر ما سماها هو معارضة سورية على حضورها والتوافق على مقرراتها وصولاً لتسليمها لنظام بشار، تنفيذاً للسياسة الروسية.

اتهامات روسية

وتزامنًا مع انعقاد القمة التركية التي تصدر الملف السوري أهم بنودها، وجهت روسيا اتهامات لكل من واشنطن والتحالف الدولي الذي تقوده في سوريا، حيث قال رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات الروسية سيرغي رودسكوي، أمس الأربعاء، إن الولايات المتحدة تخطط لتقسيم سوريا، فيما اتهم وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، التحالف الدولي بزعزعة امن سوريا من أجل قطف ثمار اقتصادية وقال « شويغو» في كلمة ألقاها خلال مشاركته امس الأربعاء، في مؤتمر موسكو الدولي السابع للأمن، ان التحالف الدولي «يهدف لزيادة الاضطراب في سوريا، وجني مكاسب اقتصادية من وراء ذلك» مضيفًا «من الصعب التصديق بأن مجموعة قوية مثل التحالف، لم تتمكن من التعامل مع الإرهابيين، ويبدو أن هدف التحالف هو زعزعة الأوضاع فى المنطقة وتثبيت وجوده الاقتصادي والعسكري فيها، مشيراً إلى تغير الأوضاع في المنطقة بعد الاتفاق التركي الروسي الإيراني على مكافحة التنظيمات التي وصفها بالإرهابية.

رئيس غرفة العمليات في هيئة الأركان العامة سيرغي رودسكوي، اتهم الولايات المتحدة بالتخطيط لتقسيم سوريا، والتأسيس لحرب جديدة فيها مضيفاً «اتخذت واشنطن مساراً جديداً لتقسيم سوريا، هم يبذلون الآن كامل إمكانياتهم لإشعال صراع سيتحول عاجلاً أم آجلاً إلى حرب جديدة، يقاتل فيها الكل ضد الكل» وذلك رداً على شروع الولايات المتحدة ببناء قاعدتين في منطقة منبج بريف حلب، وتعزيز قواتها العسكرية في المدينة. وامام هذا الواقع وصفت حميميم الروسية التحركات العسكرية الأمريكية بانها منافية لمضمون الخطاب الذي أطلقه الرئيس ترمب قبل أيام، كما أن تحركات تنظيم لدولة شرق دير الزور لا يمكن أن تتم دون دعم من إحدى الدول الفاعلة في سوريا.

قال مصدر مطلع من مدينة دوما في الغوطة الشرقية ان القافلة الثالثة من الحالات الإنسانية وبعض المدنيين من أهالي مدينة دوما انطلقت امس باتجاه الشمال السوري، في اطار الاتفاق المبرم جيش الإسلام والجانب الروسي، وذلك في اعقاب تراجع انقرة عن منعها للدفعة الثانية من الحالات الإنسانية الدخول إلى مدينة الباب بريف حلب الشمالي.

من جهتها ذكرت التصريحات الروسية أن عملية إجلاء المسلحين من الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ستنتهي قريباً، وان ما يجري حالياً «من إجلاء المسلحين عن دوما وهي آخر معقل لهم في الغوطة الشرقية، سوف يستكمل في غضون بضعة أيام».

وكالة سانا الناطقة باسم النظام السوري قالت ان الدفعة الثانية من مقاتلي «جيش الإسلام» وعائلاتهم انطلقت من مدينة دوما في الغوطة الشرقية بريف دمشق إلى منطقة جرابلس وذلك تمهيداً لإخلاء المدينة من المعارضة السورية من اجل التمهيد لعودة جميع مؤسسات النظام إليها، حيث ضمت القافلة 24 حافلة وأقلت 1198 من مقاتلي «جيش الإسلام» وعائلاتهم بإشراف الهلال الأحمر السوري، الامر الذي نفاه جيش الإسلام، وصرح مصدر عسكري خاص ان مقاتلي جيش الإسلام لم يخرجوا ولن يخرجوا من دوما، ولا تزل المفاوضات قائمة مع الجانب الروسي.

حافلات التهجير

مصادر إعلامية موالية قالت إن «عملية إخراج المسلحين تجري على قدم وساق، رغم البطء في تنفيذ بعض الفقرات، حيث خرج امس الأربعاء حافلتان من اصل الـ 38 حافلة التي دخلت صباح الأربعاء إلى مدينة دوما، في وقت تتحضر فيه حافلات للدخول إلى المدينة أيضاً لإخراج المسلحين.

وحسب المصدر فقد خرج امس الأول 1130 مقاتلاً من «جيش الإسلام» وعائلاتهم من دوما إلى جرابلس بإشراف الهلال الأحمر السوري تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيرة إلى أن عملية إخراج مقاتلي «جيش الإسلام» تتم بدقة عالية حيث يتم تفتيش الحافلات والأمتعة المحمولة وأسماء الخارجين لضمان عدم إخراج أي مختطف كان محتجزاً لديهم من العسكريين والمدنيين وعدم تجاوز بنود الاتفاق فيما يتعلق بالسلاح الفردي المسموح حمله معهم أثناء مغادرتهم».

أفرج جيش الإسلام عن محتجزين للنظام كانوا في سجن التوبة التابع له في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، بموجب اتفاق بين الطرفين، وذكرت وسائل إعلام النظام أمس أن خمسة مخطوفين كانوا محتجزين في مدينة دوما خرجوا باتفاق مع «جيش الإسلام»، وهم: حسنة اسماعيل محمد، نديمة عبد الكريم يوسف، منال شريف مصطفى، علي محمود رحمة، ريم اسماعيل مقصود. وأشار المصادر إلى ان ملف المحتجزين مرتبط بإخراج المسلحين، وكلما كان هناك حافلات تقل مسلحين إلى جرابلس، كانت عملية إطلاق سراح المختطفين من سجون جيش الإسلام في دوما، أسرع.