الحكومة تطلب ثقة المواطنين .. وهي لا تثق بهم ..!!
المهندس الاردني
الحكومة تطلب ثقة المواطنين .. وهي لا تثق بهم ..!!
رأينا السرور باديا على أوجه السواد الأعظم من الشعب الأردني حين تم الإعلان عن مغادرة الرفاعي وحكومته ، واستبشر الكل خيرا ، وأحس الشباب الإصلاحيون وأحزاب المعارضة والمستقلون وعموم الشعب بفرحة غامره ، وعلى النقيض تماما ، ما أن علم الجميع أن من سيخلفه هو البخيت ، حتى رأينا علامات الاستفهام والصدمة وخيبة الأمل تعلوا وجوه من كانوا سعداء قبلها بقليل ، صدمة وخيبة أمل مشفوعة بغضب مكبوت ، لماذا البخيت بالذات في هذه المرحلة الصعبة والحساسة والخطرة ؟ الجميع كان يأمل بوجه إصلاحي جديد يقود السفينة بتوجيهات جلالة الملك إلى بر الأمان.
ما زالت شبهة التزوير التي يتحدث عنها الاصلاحيون التي حدثت في انتخابات 2007 في حكومة البخيت الأولى تطارده ، فهم يتحدثوا عن تزوير لم يشهده التاريخ الأردني الحديث والقديم على حد سواء ، وبشكل علني ومفضوح ، وما زال لهيب ملف الكازينو يحرق كل من يقترب منه ، وتتصاعد حدة القضية لتكون من قضايا البلد الحساسة والتي تتفاعل بشكل كبير ويومي ، فكيف يكون البخيت رجل الساعة ؟ وكيف يأتي بهذا الظرف الحساس من تاريخ الأردن ؟ وفي ظل حركة شعبية شبابية إصلاحية عفوية ..!! وفي منعطف لم يشهد مثله تاريخ الأردن من نقمة وحنق على الفساد والمفسدين .. مشفوعا بمسيرات غاضبة وأجواء مشحونة ..
لم استغرب كثيرا من ردة الفعل الشعبي ، فقد كنت ممن أصيب بالحيرة والصدمة وخيبة الأمل ، وما أن أصبح الأمر واقعا يتطلب التعامل معه حتى تنادى الحكماء والغيورين على مصلحة البلد بأن أعطوه فرصته والوقت الذي يلزمه فهو جاء باختيار من جلالة الملك ، وجلالته اعلم بمن يختار ، وحكمته لا يمكن لأحد أن يشكك بها ، فلم يستدعيه ليكون رجل الساعة إلا وهو أهل لهذه الثقة ، فمن كان يثق بحكمة جلالة الملك ، فعليه الثقة باختياره ، هنا .. هدئت الأصوات وخفتت ، ولثقة الشعب الأردني بملكه وبحسن اختياره ، قرر الجميع ومن ضمنهم الشباب الاصلاحيون الجدد أن يعطوه الفرصة ، فمرت الأيام والأسابيع والأشهر ثقيلة على الشعب الأردني في ظل هذه الحكومة ، والشعب كالقابض عل الجمر ، لا خوفا ولا جبنا كان سكوتهم ، بل ثقة بالقرار الملكي ، وبحكمة الهواشم ، ولكن هدت ظهر البعير كارثة وليس شعره ..!! تنادى شباب الأردن الاصلاحيون وهبت المعارضة الحزبية وغير الحزبية بالدعوة للمسيرات من جديد بعدما حدث ما كان متوقعا من تزوير جديد لانتخابات 2010 كما يقولون ، وفي ظل التوتر الجديد والمطالبات المتكررة برحيل البخيت وحكومته ، تفجرت قضية شاهين ، وهزت أركان المجتمع الأردني ، وضاعفت أعداد الشباب الاصلاحيون بل وانضم لهم عدد من القبائل ومن وجوه جديدة كانت بالأمس القريب تحسب على الحكومة ، فالأمر أصبح لا يمكن السكوت عنه أبدا حسب رأي الشباب الاصلاحيون الذين ينادون بالإصلاح ومحاربة الفساد وسواها .
الحكومة نادت وما زالت تنادي بالرغم من الشبهات التي أوقعت نفسها بها في عهدها الأول والثاني بالصبر على برنامجها الإصلاحي وإعطائها الفرصة والوقت الكافي لتطبيق ما سبق ، وقال احدهم لو كانت "طبخه" فهي بحاجة لإعداد وتحضير و"سلق" على نار هادية كما يقال ، فما بالك بفساد مستشري ومستفحل ، وبمفسدين تغولو على بلدهم وعلى سيدهم بفسادهم ، وباقتصاد شبه منهار في أحسن الأحوال إن لم يكن منهارا بالكامل على الأغلب ، كذلك مشكلة العاطلين عن العمل وقضية المواطن المعدوم الذي هو دون خطر الفقر وبنسبة تزيد عن نصف المواطنين على أحسن تقدير والكثير من المشاكل المستعصية .. هل يظن أحدكم أن هذا الكم الهائل من القضايا والملفات سيتم حله بشهر أو سنة ؟ لماذا لا تعطوا البخيت وحكومته الوقت الكافي للعمل دون فتح ملفات وجبهات جديدة عليه ليقوم وحكومته بالتركيز على الأساسيات ؟ إذن الحكومة تطلب حقها المشروع في الوقت الكافي وتعاون الشعب معها ، وهذا إلى الآن لا غبار عليه ، أين الخلل ؟ لماذا لم يستجيب المواطنون لهذه النظرية "المعقولة" ؟
يقول الشباب الاصلاحيون ويدعمهم المعارضون الحزبيون وغير الحزبيون ولفيف كبير من مثقفي البلد وعموم المواطنين إن الحكومة لم تعمل بكتاب التكليف السامي كما يجب ، فلا هي حاربت الفساد ولا هي أنجزت شيئا يذكر للمواطن البسيط الذي أوصى جلالة الملك على تحسين ظروفه ، بالتالي هذه الحكومة تكسب وقتا فقط وتحاور من اجل الحوار وليست جادة لا في الإصلاح ولا في سواه ، والأخطر من ذلك ، إن الحكومة تطلب ثقة المواطنين بها وببرنامجها وهي لا تثق بالمواطنين ..!! ويدللوا على ذلك بالقانون الجديد الذي صدر قبل أيام بضرورة اخذ التراخيص قبل أي مسيرة أو تجمع ، بل ومن حق الحاكم الإداري أن يطلب ويسجن كل من يخالف ذلك ، حتى لو بالدعوة لمسيرة على مواقع التواصل الاجتماعي ، وهذه الصلاحيات الجديدة بنص القانون المذكور ..!! وهذا القانون لن يتم تطبيقه في الجنوب مثلا ، لان أهل الجنوب لهم عاداتهم وطريقتهم في التعبير السلمي ، ومجتمعهم شبه منغلق بطريقة معينة ، يمنع أي تدخل حكومي فيه بطريقة سلبية ، والتاريخ المعاصر يشهد بذلك ، فان تم تطبيق القانون في عمان وما حولها وتم تعطيله في الجنوب فقد فقدت الحكومة هيبتها ، وهذا يشجع المواطنين الإصلاحيين الشباب بتحدي هذا القانون لأنه باطل من حيث عدم عرضه على البرلمان وهذا مطلب شعبي أن لا تتغول الحكومة على صلاحيات ممثلي الأمة بإصدار قوانين مؤقتة ويتم العمل بها ، ومن ناحية أخرى لن يرى الشباب في عمان أنهم اقل شئنا من شباب الجنوب مثلا ، وستستمر المسيرات في كافة الأردن ، وهنا يكمن الخطر ، فإما أن تضرب الحكومة بيد من حديد وتقمع الشعب وتطبق قانونها الجديد الغير شرعي ، وإما أن تعطل العمل به في ظل الظروف الراهنة ، وهذا أيضا فيه نقصان لهيبة الحكومة التي أقرت القانون ، فالخياران مران أمام الحكومة .. والأيام سترينا أي المرين ستتجرعه الحكومة قبل رحيلها المنشود ..!!؟
الحكومة لم ولن تثق بالشعب الأردني كما يقول الاصلاحيون الشباب ، من خلال القانون السابق ومن خلال تعاملها الخشن والغير مبرر في "موقعة النخيل" كما يسمونها ، وما سبقه من تهديد البخيت بمنع الاعتصام " الاعتصام المفتوحة غير مقبولة وغير مسموح بها على الإطلاق" وبالتالي له حرية الاختيار بفض الاعتصام بالطريقة التي يراها مناسبة ..!! وكأن تصريحاته مشككة بوطنية الشباب الأردنيين الإصلاحيين من خلال مهاجمتهم بكلماته الغير واقعية كما يقولون ، وأشير هنا إلى بعض الجمل المقتبسة التي أججت غضب الإصلاحيين من الشباب وأثارت حفيظتهم لما فيها من تهم وتحريض عليهم من قبل البخيت حسب ما قالوا
(( تخريب الأمن والسلم الاجتماعي للأردن أمر مرفوض ولن تسمح الحكومة به
هناك فئة قليلة تستهدف افتعال الحوادث والاحتكاك لإعطاء صورة خاطئة عن الأردن وامن الأردنيين
افتعال الحوادث والإصرار من قبل فئة قليلة على إظهار الأردن وكأنه بيئة ليست مستقرة أمر مرفوض ولن تسمح الحكومة به
فرض الرأي والهيمنة والوصاية لم تعد مقبولة من قبل الشارع الأردني))
وكأن البخيت هنا يلصق بهم كل التهم السابقة ويستفز باقي المواطنين ويحرضهم عليهم ، فكيف يطلب ثقة الشارع الأردني وهو يحرض البعض على البعض الآخر بكلام حساس وخطير كالذي قاله ؟
وليت الأمر وقف عند هذا الحد ، بل إن وزير الداخلية الساكت ، هو أول من ادخل جملة " إسقاط النظام" ، وهذه سابقة خطيرة ينبغي التوقف عندها كثيرا ، فهي تحسب عليه ، فالكلمة كالرصاصة لن تعود أبدا بعد إطلاقها ..!! وجاء في تصريحه كما تناقلته المواقع الأردنية " اتهم وزير الداخلية مازن الساكت منظمي اعتصام الجمعة الماضي بساحة النخيل باستهداف النظام وإسقاطه من خلال مراحل اعتصاماتهم المقبلة." وجاء في رد الحراك الشبابي عليه "خرج علينا وزير الداخلية بتصريحاته العجيبة مثل كل التصريحات الحكومية المتخبطة منذ أشهر، فلم يخرج معاليه ليعتذر عن ضرب المواطنين وعن الاعتداء على الصحفيين الذين وقعوا بفخ الستر البرتقالية، بل خرج علينا ليكون جزءاً من مسلسل التحريض المستمر على المطالبين بالإصلاح بزعمه بأن هؤلاء الشباب كانوا يهدفون من اعتصامهم إلى إسقاط النظام." ..
وكان الساكت تكهن أو ادعى الغيب بمعرفته بما في نواياهم ..!! فان كان لديه دليل لكان طرحه على كافة وسائل الإعلام .. ولكنه ضرب من ضروب التحريض و التأزيم والتشكيك والتجييش ضد الحراك الشبابي ، أي أن الساكت ممثلا لداخلية حكومة البخيت قد أعلنها صريحة انه لا يثق بالشباب الإصلاحيين ، فكيف بربكم سيثق الشباب بهذه الحكومة ..؟؟ لم يجدوا لهم مخرجا ولا متنفسا إلا برفع أصواتهم عاليا من خلال الشارع ليصل صوتهم إلى جلالة الملك لينصفهم وينصف البلد كلها من الوضع الراهن المتأزم ، فالشباب رفعوا أصواتهم عاليا إلى جلالته ليعلم أن هذه الحكومة غير معينة بالإصلاح الحقيقي وليست جادة في تحسين معيشة المواطن ، وان خيارها الأمني يعلوا على خيار جلالة الملك الأبوي وحبه لأبناء شعبه الذين يحبونه ، فلم نسمع خلال الأشهر السابقة كلها عبارة "إسقاط النظام" ألا من معالي الساكت ، الذي لو "ضل ساكت" كما قالوا على مواقع التواصل لكان أفضل له ، وهذه المفردة خطيرة وحساسة وخاصة حين يصرح بها وزيرا للداخلية ويتهم بها شباب بلده ..!! إنها تحريض سافر ومكشوف ورسالة مغرضة كان يطمح أن تصل إلى جلالة الملك بطريقة مغلوطة ، عله يطلق يده في الخيار الأمني كما يقول الاصلاحيون ، ولكن الكلمة سقطت كالسيف على قائلها لتنحره سياسيا ، وجلالة الملك حفظه الله محب لشعبه ولا يرضى أن يمس مواطن بشوكة ، فهل ظن الساكت أن جلالته سيقبل بغير حب متبادل بينه وبين شعب اجمع على حبه والولاء له ..؟؟
الملك سيدنا باق ما بقي تراب الأردن ، والشعب الأردني الأبي باق وراسخ في أرضه كالجبال الشوامخ .. والحكومة إلى زوال ..