ماذا بعد «ثلاث» سنوات من الحرب..في اليمن؟


اخبار البلد
 
وصلت أطراف الحرب المستعِرة في اليمن وعليه.. إلى طريق مسدود، ولم يعد ثمة من يُراهِن على امكانية احراز اي نصر عسكري, بعد ان اثبتت وقائع السنوات الثلاث, الدموِيّة والمدمِرة التي اوصلت الشعب اليمني الى حال غير مسبوقة من الفقر والجوع والعطش والخراب

وانتشار الأوبئة التي تفتك خصوصاً بالأطفال، ان الخيار العسكري قد فشِل, وان الحكمة تقتضي إبداء المرونة وبُعد النظر, في التعاطي مع الدعوات والاقتراحات باللجوء الى خيار الحوار, وتسهيل مهمة المبعوث الدولي الجديد البريطاني مارتن غريفث، عبر منحه المزيد من الوقت وعدم الضغط عليه لتبنّي وجهة نظر مُعينة، فشل أصحابها في فرضها على اطراف الصراع, وخصوصاً منهم الذين لا يتوفّرون على قراءة او رؤية واقِعية لمصير ومسار الصراع الدموي, الذي انخرط فيه اطراف خارجية ذات مصلحة في إذكاء الحرب وتوسيعها, بهدف بيع المزيد من السلاح او لدفع اطرافها نحو مزيد من التشدّد ورفض خيار الحوار والمفاوضات والحلول السياسية, وبعضهم للبحث عن نفوذ وادوار سياسية وغيرها, مما تسهم الحروب في بعثها وإيقاظها من سباتها «التاريخي» وما تفرِضه الجغرافيا على المنخرطين فيها من حسابات وأطماع وأساطير صعبة التحقّق. وصول المبعوث الدولي الجديد الى صنعاء, بعد أن كان مقرّراً ان يبدأ جولته «اليمنية» من عدن (وما أدراك خطورة ما يحدث في الجنوب اليمني)، تشي بأن المستر غريفيث ينأى بنفسه عن «الخريطة» التي سار عليها سلفه الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ, حيث الاخير أدار ظهره هو الآخر للنهج الذي اتبعه المغربي جمال بن عمر، ما أسهم في إطالة «الوساطة» وإفشالها لأنهما (المبعوثان العربيان) لم يستطيعا الخروج من لعبة الإنحياز والخضوع للضغوط الهائلة التي مورست عليهما , وبالتالي «شاركا» بنفسيهما في إفشال مهمتهما, كذلك رفض الأطراف المتضرِّرة من إنحيازهما (المفترَض حيناً والواضح جداً احيانا اخرى) في التعاطي معهما. ما دفع أحدهما للتنحي عن موقعه، فيما تم انهاء عمل الأخير وإن كان «انتدابه» الوظيفي قد اقترب من نهايته. ما علينا.. لا يستطيع احد من اطراف الخنادق المتقابِلة, الزعم بانه حقق إنجازا ولو متواضعا، قياساً بما لحق باليمن.. شعبه ودولته وبناه التحتية، اقتصاده وثرواته و»جغرافيته», جيشه وإداراته ومجتمعه, من خراب ودمار وخسائر مهولة وعداء وأحقاد وانقسامات, والاحتمالات المفتوحة اكثر من اي وقت مضى على مزيد من التذرّر والانشقاقات وانفصال أكثر من محافظة او إقليم, والتي لن تقتصر على جنوب اليمن, حيث اطراف نافذة عديدة كالحراك الجنوبي او المجلس الانتقالي الجنوبي وباقي محافظات الجنوب, يطالِبون بفك الارتباط والانفصال عن الشمال وهي دعوات تجد من يدعمها داخل اطراف الحرب, بدليل ان الرئيس عبدربه منصور الذي ما يزال يدّعي الشرعية وحكومة احمد بن دغر, لا يستطيعون الذهاب الى عدن التي اعتمدوها عاصمة «مؤقتة» لهم, وإن سُمِح لهم فإنهم لا يسيطرون

حتى على القصر الذي يقيمون فيه. اما حكاية ان انصار االله، لا يسيطرون سوى على 20 %من مساحة اليمن, فانها مسألة قابلة للنقاش.. ليس في كونها نسبة صحيحة ام لا؟، بقدر ما يتعلق السؤال في ما اذا كانت الـ80 %الباقية خاضعة لسلطة هادي ؟ ام انها تعيش الفوضى والفلتان وسيطرة ميليشيات واحزاب تعمل لحسابها كما هي حال حزب الاخوان المسلمين( حزب الإصلاح) الذي يبسط هيمنته على أجزاء من محافظات تعز والجوف ومأرب، وإن كانت شائعات تتحدث عن تدهور علاقاته مع دول التحالف.(دع عنك سيطرة داعش والقاعدة في حضرموت وخلاياها النائمة في عدن وغيرها) يبقى السؤال قائما حول السبيل للخروج من المأزق الكبير الذي تعيشه اطراف الحرب العبثية بوتيرتها المتصاعدة, وبخاصة بعد الضربة الصاروخية التي وجهها أنصار االله مؤخراً لمدن ومواقع سعودية, والتي أضاءت على خطورة الإنزلاق الى مزيد من التصعيد, ونتائجه الكارثية على الجميع. اذا ما واصل أطراف الحرب الرهان على الحل العسكري, الذي لا يختلف اثنان على انه عقيم ومستحيل التحقّق. هو سؤال الحل السياسي إذاً، وهل ما تزال شروطه قابلة للتحقق؟ اذا ما تمسّك التحالف او المبعوث الدولي, بالشروط او المرجعيات الثلاث التي لم تتغيّر طوال سنوات الحرب الثلاث وهي: المبادرة الخليجية, مُخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الامن رقم 2216 الصادر في نيسان 2015؟ رغم علم الجميع ان دماء ومعطيات ووقائع ميدانية كثيرة وغزيرة اصابتها تغييرات دراماتيكية على اكثر من صعيد.. داخل اليمن وخارجه، ولم تعد تلك الشروط قابلة للبحث في ضوء الشرط «الأخطر» الذي وُضِع امام انصار االله, وهو «الإنسحاب من المدن وتسليم السلاح»، فيما لم يُوضَع الشرط ذاته امام اطراف اخرى, مُسلّحة ونافذة.. تُسيطر على اجزاء مهمة من اليمن, ناهيك عن ان موافقة «انصار االله» على الشرط التعجيزي هذا «تحققت» ولكن كان شرطهم المقابِل «ان يتم تسليم سلاحهم الى حكومة جديدة, تُشارِك فيها اطراف الحرب اليمنية كافة» وليس الى حكومة هادي الحالية, التي في نظرهم – ونظر كثيرين – لا تتوفّر على شرعية. ثمة فرصة ما تزال قائمة, لإنجاح الحل السياسي لهذه الحرب.... في اليمن وعليه, اللهمّ الا اذا كان المراهنون على الحل العسكري ما يزالوا يعيشون الوهم ذاته, الذي وقعوا أسرى له منذ السادس والعشرين من آذار عام 2015 .ما يعني ان الكوارث في انتظار الجميع... دون استثنا