حُرّرت الغوطة.. سقَطت رهاناتِهم وفشِلت مُخططاتِهم

 افلس المراهنون على إبقاء الغوطة الشرقية منصة لترويع دمشق, وتحويل سيطرة الجماعات الإرهابية ذات الاسماء الاسلاموية الطنانة عليها, الى جيب يُهدِّد العاصمة السورية ومنطلقا لاقتحامها, بعد ان «رتّبوا» ان تكون قاعدة التنف التي يسيطر عليها المحتّل الاميركي, مركز دعم لوجستي يتولى إمداد ارهابيي الغوطة بالسلاح والعتاد والمقاتلين, على نحو يسمح لهم – هكذا توَهّموا –باحتلال بعض أحياء دمشق وتحويلها الى ورقة للمساومة، الامر الذي استعدّوا إعلاميا له, وراحوا يُعيدون إنتاج رواياتهم المزيّفة عن استخدام السلاح الكيماوي الذي اخترعوه في خان شيخون, وادى الى عدوان اميركي على مطار الشعيرات, اراد من خلالها الرئيس الأميركي المرتبِك توظيفها في معركته الداخلية, وقبل ذلك في اختراعهم المبكِّر لإكذوبة إستخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية ذاتها في 21 آب من العام 2013 والتي اتخذتها ادارة اوباما ورهط الداعِمين والمشغِّلين للجماعات الارهابية (متعدّدة الجنسيات) ذريعة للتلويح بتوجيه ضربات موجعة للجيش السوري, الى أن انتهت بتفاهم روسي اميركي لتدمير المخزون السوري من الاسلحة الكيماوية, كي يتم سحب الذرائع التي تتخفّى خلفها الدول المتآمرة على سوريا, من اجل تبرير التدخل العسكري المباشِر في ازمتها. لم تتوقّف الأكاذيب والإتهامات الغربية وبعض العربية للجيش السوري باستخدام السلاح الكيماوي, لكن هذه المرة وعند اندلاع معركة تحرير الغوطة من قِبل الجيش السوري وحلفائه على نحو لا رجعة عنها، لم يجد الذين فوجئوا بحجم وطبيعة التصميم على وضع حد لاحتلال الارهابيين الغوطة الشرقية وتهديدهم الدائم أمن دمشق وسكانها, سوى الاختراع اليومي لاستخدام السلاح الكيميائي, وبروز تهديد اميركي – مدعوم هذه المرة من فرنسا – ودائما بريطانيا وبعض العرب كالعادة، بتوجيه ضربة لدمشق – والمقصود بذلك القصر الجمهوري ووزارة الدفاع وغرف العمليات ومعسكرات الجيش والقواعد الجوِية, على نحو يسمح بقلب موازين القوى ويتيح لإرهابيي الغوطة والمرتزقة المحتشدين في قاعدة التنف, إقتحام دمشق بهدف احتلال أحياء واسعة منها. التحذير الروسي الواضح والمصاغ بعناية وحزم, بضرب مصادر النيران وليس فقط اسقاط الصواريخ المجنحة التي هدّد الاميركيون باستخدامها, وتأكيد موسكو ـــ التي كانت تستعد للانتخابات الرئاسية وهو ما حاولت ادارة ترمب استغلاله ـــ أسهم في لجم العدوانية الاميركية وترَك واشنطن في حيرة من أمرها، اذا لم يعد السؤال ما اذا كان الجيش السوري سيوقِف المعركة التي بدأها في الغوطة الشرقية؟, بل الإحتمالات الماثِلة بقوة, لحدوث مواجهة عسكرية ساخنة مع روسيا, وهو امر لا يُخاطِر به الاميركيون في مثل هذه الاوضاع الدولية المعقدة ,فضلاً عن ضخامة اكلافها، فاقتصرت المواجهة الاميركية الروسية على الساحة الدبلوماسية في مجلس الامن بصدور القرار 2401 ,حيث لم ينجح الاميركيون – واتباعهم – في تمرير ما ارادوه، فاضطّروا لإبداء المزيد من الثرثرة واطلاق التهديدات وتشديد الحملة الاعلامية على موسكو, وخصوصا رئيسها الذي فاز في انتخابات الرئاسة بأغلبية غير مسبوقة، لم يصلها اي رئيس اميركي او اوروبي. لهذا كان لافتا، انه مع تقدّم الجيش السوري السريع في الغوطة وتحرير المزيد من البلدات والمزارع وقرى الغوطة, تراجعت التهديدات الاميركية باستخدام القوة ولم يعد المسؤولون الاميركيون يتحدثون عن استعدادات لتوجيه ضربة او حتى التلويح بحدوثها, إثر فشلهم في فرض وقف اطلاق «فوري» لمدة شهر في الغوطة, (مستثنين بتواطؤ مكشوف الإجتياح التركي لمدينة عفرين السورية وريفها, وغضّ الطرف عن إرتكاباته الوحشية بحق المدنيين السوريين), والذي كان (مشروع القرار الاميركي) يستبطن تمرير خطة إيجاد «كوريدور» بين قاعدة التنف والغوطة الشرقية, بهدف كسر حصار الغوطة الذي فرضه الجيش السوري منذ اربع سنوات، ولتحويل الغوطة الى «قلعة» ومنصّة الانقضاض على العاصمة, بعد سنوات من الفشل المتكرر لمحاولات إختراقها. التباكي على الغوطة وبث المزيد من الاكاذيب عن تجويع المدنيين وتهجيرهم وغيرها ممن يبرع في ترويجها الإعلام الغربي ويعيد بعض الإعلام العربي تكرارها بغباء وحقد.. انكشف زيفها, وها هي الغوطة قد تحرّرت ولم يتبقّ الا مدينة «دوما» التي يُعتقل سكانها ويتم إتخاذهم دروعا بشرية من قبل العصابة الارهابية المسماة جيش الاسلام، وهي في طريقها الى السقوط, سواء بالقوة العسكرية كما أُسقطِت المساحات والمناطق التي كان يُسيطر عليها فيلق الرحمن واحرار الشام, ام بالمفاوضات الجارية الان بعد اعلان وقف مؤقت لاطلاق النار, ولن تجدي عمليات النفي والاكاذيب التي تبثها «قيادات» هذا الجيش كرئيس مكتبها السياسي محمد علوش, او قائدها الميداني عصام بويضاني, حيث الاخير يُناشِد «اهالي وقادة الفصائل في درعا, لفتح الجبهات وعدم السماح للنظام للإستفراد بالفصائل المعارِضة الواحدة تلو الاخرى, بل وصلت به الصفاقة حدود الزعم بان «انتهاء الثورة.. يعني ان لا تقوم قائمة لأهل السُنّة.. لسنوات طويلة». الحرب في سوريا وعليها, لم تكن حربا مذهبية او طائفية, بقدر ما كانت مؤامرة دولية واقليمية قذرة, شاركت فيها قوى ودول وتنظيمات لم يُعرَف عنها ذات يوم دفاعها عن اهل السنة, او اخذت مصالحهم في الاعتبار او اعتنت بقيم الاسلام وأعلت من شأنها, بل هي وظفتها لخدمة سلطتها واستعانت بمن ادّعوا تمثيله, كي يروّجوا لسلطتهم ويبرّر مفاسدهم وتحالفاتهم المشبوهة.. سواء على مستوى الإقليم ام عبر المحيطات. معركة تحرير الغوطة الشرقية ذات اهمية استثنائية, ليس فقط في انها جعلت دمشق آمنة, بل وايضا أسهمت في تكريس موازين قوى جديدة, وسرّعَت في تقريب موعد دحر المؤامرة الكبرى على سوريا والمنطقة العربية