الوعي بأثر رجعي والذاكرة الشعبية


ينسى الناس او يتناسون سلوك السياسيين حال نزولهم عن مقاعد المسؤولية , يساعد في ذلك استهتار جماعة اعلامية بالذاكرة الوطنية وفيما كتبوا هم سابقا عن تلك الشخصيات ابان جلوسها على مقعد المسؤولية , فالخصومة السياسية او المناكفة في ذهنيتهم تتيح كل شيء حتى الاستعانة بحلف الناتو ضد الخصوم , والاستعانة بمن كان امس خصما للحريات وللوجدان الشعبي.

في السياسة ثمة مصالح ثابتة لا مواقف ثابتة كما تقول القاعدة الموجعة للضمير والمريحة للتبرير , فأمام خصومة حكومة البخيت نستعين بأي احد لاثبات سوء الحكومة حتى لو كان هذا الاحد اكثر قسوة على المجتمع من البخيت وحكومته واكثر استنزافا لجيب المواطن فالغاية تبرر الوسيلة عند جماعة بعينها في الاعلام ترى في الحكومة شيطانا اكبر وترى ذبح الناس جوار القلب في دمشق فعلا وطنيا بالكامل.

في السياسة نختلف ونتصارع مع الحفاظ على شرط الضمير , لا تعمينا المصلحة الحزبية عن المصلحة الوطنية , فندافع عمن نختلف معه في الرأي ولا نختلف معه في الحرص على الوطن وثوابته , ننتقده في اطار حقه في الرد والتعبير عن رأيه فنقبل الرأي الاخر حتى لو كان هذا الاخر يسير باتجاه واحد , فثمة ادوات قانونية لمحاسبة المسيء ولا شيء غير ذلك.

في كل الدنيا لم نسمع ان حزبا اقام نشاطا تحت رعاية امين عام حزب منافس او ان تيارا يساريا أقام ندوة تحت رعاية شخصية عرفية او ان حزبا اسلامويا دعا امين عام حزب شيوعي لرعاية حفل تخريج دورة دينية , لإثبات احترامه للاخر , ولكن في بعض الاعلام نرى كل ذلك , نرى قوميا يقبل الاستعانة بالاجنبي لتحرير بلد عربي نكاية في نظامها السياسي بدل ان يناضل من اجل تفعيل معاهدة الدفاع المشترك وتفعيل حماية شعب عربي من بطش حكامه , ونرى يساريا وقوميا يتظاهر في عمان من اجل الحريات واطلاقها وتحقيق الاصلاحات ويتظاهر في نفس الوقت دعما لبطش وقتل مواطن عربي شقيق لانه طالب بالاصلاح في بلده , فقط لانه متناغم او مستفيد من النظام السياسي في ذلك القطر الشقيق.

في الاردن نعيد انتاج زعامات حكومية كقيادة للمعارضة او مناكفة للحكومة ونحن نعلم يقينا انها تسعى فقط لاسقاط الحكومة الحالية حتى لو لم تكن هي المرشحة لتشكيل الحكومة الجديدة وتهتف منذ الان تسقط الحكومة القادمة اذا لم اكن فيها او لم اكلّف بتشكيلها , ونتحدث عن ضرورة حماية الاقطار العربية من التشرذم وضرورة التوافق الشعبي لانقاذ هذا القطر او ذاك وننخر يوميا في نسيجنا الوطني ونعزف على اوتار الشرذمة والفرقة الاقليمية والجهوية.

بعد كل ذلك نعتب على فضائيات النميمة وكاميرات اصطياد السلبيات , ونغرق في وصف التهم والقوالب الجاهزة للتصنيفات الوطنية والرجعية , وعاكسنا الكون فصرنا نمجد الراحل رغم ان علامات سياطه ما زالت على ظهورنا ونشيطن الحالي حتى لو كان اقل ضررا من الراحل , لأن المطلوب هو الفراغ لا غيره والتسلي بحلّ مربعات اسماء الوزراء القادمين والشخصية المرشحة لتشكيل الحكومة الجديدة.

امام ذلك ودون مراجعة الواقع الاعلامي , لماذا نستغرب انحدار كلفة الاعتداء على الصحفيين؟.

omarkallab@yahoo.com