فهد الفانك

 بالأمس القريب ترجل فارس كان صهيل قلمه يملأ الاسماع، فرحل فهد الفانك بعد ان سرى نصف قرن و هو يحمل قلما كالمصباح يبدد العتمات. لم يتعب.... لم تنفد زوادته و لا ذخائره بل لان الدرب انتهى و ما زال في زنده عزم و في ذهنه مضاء. قبل سنوات أقلعت مؤقتا عن كتابة التعليقات الاقتصادية، و عدت الى هوايتي الأساسية في الكتابة الأدبية. اهديته أولى رواياتي وكتبت في الاهداء: الى صاحب القلم الجريء الذي لا يتعب. في فهمي كانت هذه الكلمات تمثل فهد الفانك الذي خبرته: الجرأة و طول النفس. كان لا يهاب ولا يهادن، و قد تعلمت من جرأته و من إصراره على ما يراه صحيحا. كتابة التعليقات الاقتصادية عمل مرهق، و يصبح مرهقا جدا عندما تكون الكتابة يومية، فلا تطيقها الا ندرة من العقول و النفوس، و هو كان يكتب و يكتب و يأبى ان يستريح يوما واحدا. جرت بيني و بين الزميل الراحل سجالات كثيرة و كان بعضها حادا جدا تناولت قضايا حساسة مثل تخفيض سعر صرف العملة، و احتياطي الذهب، و الادخارات المحلية، و منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، و ضريبة الرسملة و حتى عطلة اليومين

 
سالته مرة ان كان يقرأ ما اكتب، فقال انه يقرأ كل ما اكتب. اما انا فقد كان مصدر وحي لي، اذ كان يثير قضايا تستجر تنقيبات في المراجع او توجب الاستزادة في موضوع السجال او توحي بافكار جديدة. هاتفته قبل يومين من رحيله و انا لا ادري كنه مرضه بعد ان أعلنت الرأي الغراء توقف زاويته. تمنيت له الشفاء، قلت له ان غياب زاويته سيترك فراغا لا ادري كيف يملأ و انه كان يقرأ بالنيابة عنا و يقدم لنا خلاصات تريحنا. افتقد، مع الجميع، هذا الرجل المتميز فهد الفانك، و سوف افتقد طويلا مقالاته ذات النكهة النفاذة... رحمه اا