عققته في الصغر فعقك في الكبر


جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يشكو إليه عقوق ابنه فأحضر عمر الولد و أنّبه على عقوقه لأبيه و نسيانه لحقوقه عليه، فقال الولد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه ؟ قال : بلى ، قال : فما هي يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أن ينتقي أمه و يحسن اسمه و يعلّمه الكتاب أي "القرآن " . قال الولد : يا أمير المؤمنين إنّ أبي لم يفعل شيئًا من ذلك، أما أمي فإنها زنجيّة كانت لمجوس... و قد سمّاني جُعْلاً أي " خنفساء " و لم يعلّمني من الكتاب حرفاً واحداً . فالتفت عمر رضي الله عنه إلى الرجل وقال له : جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقّك، و أسأت إليه قبل أن يسيء إليك .
أصبحنا اليوم في زمن يثير إلى الشفقة والحزن ، زمن يختلف إختلافاً كلياً عن زمن أبائنا وأجدادنا زمنهم كان للأب له هيبة كنا نشعر بالخوف وكأننا قد حكم علينا بالنفي أو القتل عندما تقول لنا أمهاتنا " عندما يأتي أبوكم سأخبره بما فعلتم " كنا نرتب الحجج والتبريرات
حتى نخفف العقاب سواء كان نفسيا ﻻو جسديا ، كنا نحسب للأب الف حساب " إذا فعلت ذلك أبي سيوبخني ؟ لن أقول ذلك لإن إبي سيغضب مني ؟ والكثير الكثير من تصرفات التي تجعلنا بعيدين كل البعد عن الحرام والعيب والخطأ لإن آبائنا كالصقور على أبناءهم ،
شرع الإسلام حقوق الأبناء على الاباء وأولها -إختيار الأم

لقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم صفات المرأة الصالحة

التي ينبغي للمسلم إذا أراد أن يتزوج أن يراعيها، فعن أبي

هريرة رضيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنِ النبيِّ صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم

قال: " تُنْكحُ الْمَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لمالها ولِحَسَبها ولِجَمَالها
وَلدينها: فَاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَربَتْ يَدَاكَ " مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.

وعليه فالمرأة الصالحة هي من يكون معيار اختيارها على
الدين، فإذا كانت دينة، ومن بيت صالح فلا حرج بعد الدين
أن تكون غنية، أو حسيبة، أو جميلة، المهم أن يكون الدين
هو الأصل.
ثانياً - الأسماء ، فيجب على الأب أن يختار أسماء جميلة
وحسنة حتى يستطيع الإبن أن يتعايش مع إسمه وإن يشعر
بالفخر والإعتزاز إذا نودي بإسمه ، لا يعتريه الهم والحزن
ويضيق ويصبح ناقماً عليك بسبب هذا الإسم القبيح
ويسن أن يكون الإسم حسناً للحديث الذي رواه أبو داود
والدارمي وابن حبان وأحمد: " إنكم تدعون يوم القيامة
بأسمائكم وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم ".

ونأتي لاهم الامور ألا وهي الصلاة
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في هذا المعنى: مروا
أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، وإضربوهم عليها
وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. أخرجه
أحمد وأبو داود.

يؤدب الصبي بالأمر بأداء الفرائض والنهي عن المنكرات
بالقول ثم الوعيد ثم التعنيف ثم الضرب.
يا أيها الأب هل قمت بكل ذلك ، هل أحسنت بإختيار
الزوجة ، هل فكرت أن هؤلاء ابنائك لهم عليك حق ، لأنها ستكون أماً لهم مجبورين وليسوا مخيرين كمثلك .

يا أيها الأب هل قمت بإختيار الإسم الحسن لابنك أو إبنتك
هل جعلت أولادك يفتخرون بإسمائهم ويعتزون بها إذا
ناداهم أحد قال أنا فلان وبن فلان كما يقول المثل "بالفم المليان "
هل علمت أولادك على الصلاة ، هل جعلتهم يصلون بجوراك ، هل أخدت بيدهم الى المساجد ، وعلمتهم وهم في سن السابعة من عمرهم أم كنت مشغول بإعطائهم الالعاب والمبالغ المالية والسماح لهم بالذهاب مع رفاقهم والجلوس بالمقاهي وغير ذلك .

هل علمتهم الكتاب وجعلتهم يدبروا اياته
قال تعالى : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )
لا يعقل أن يكون طفلً أو حتى شاب ويمر على اية الكريمة
مرور الكرام على معانيها .
وقال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23، 24].

فانظر أيها القارىء الكريم كيف يربط السياق القرآني بر الوالدين بعبادة الله، إعلانا لقيمة هذا البر عند الله، وبهذه العبارات الندية والصور الموحية يستجيش القرآن وجدان البر والرحمة في قلوب الأبناء نحو الآباء، نحو الجيل الذاهب، الذي يمتص الأبناء منه كل رحيق وكل عافية ، وكل إهتمام، فإذا هما شيخوخة فانية إن أمهلهما الأجل وهما مع ذلك سعيدان.
(وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) (الاسراء: من الآية24)
تعبير شفاف لطيف يبلغ شغاف القلوب وحنايا الوجدان.فهي الرحمة: رقة وتلطف حتى لكأنها الذل الذي لا يرفع عينا، ولا يرفض أمرا، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!.
هذان هما والداك..كم آثراك بالشهوات على النفس، ولو غبت عنهما صارا في حبس، حياتهما عندك بقايا شمس،لقد راعياك طويلا فارعهما قصيرا: ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).
كم ليلة سهرا معك إلى الفجرِ، يداريانك مداراة العاشق في الهجرِ، فإن مرضت أجريا دمعا لم يجر، لم يرضيا لك غير الكف والحجر سريرا فـ : (قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).
يعالجان أنجاسك ويحبان بقاءك، ولو لقيت منهما أذى شكوتَ شقاءك ،كم جرعاك حلوا وجرعتهما مريرا ، فهيا برهما ولا تعصهما وقل: (رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً).
يا ايها الأب الابن عبارة عن بذرة يجب إن تهيىء
لها التربة الخصبة والماء الصالح وظروف مناسبة التي تجعل البذرة تنمو الى الثمرة ، حتى تكون الثمرة صالحة للاكل ونتذوق طعمها الذيذ ام نضعها في سلة المهملات ونندم على تعبنا الذي ضاع هباءا منثوره .
وأنت أيها الابن مهما كان الاب عاقا بك لا تنسى
أنه أبوك وهو الذي أوجدك في هذا العالم
واتبع قول الله تعالى عز وجل " : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [النساء:36].
والحق أن الجزاء من جنس العمل فمن بر والديه بره أبناؤه، ومن عق والديه عقه أبناؤه ولابد.فإن أردت أن يبرك أبناؤك فكن بارا بوالديك،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم..".
كما يقول المثل " كل شي قرض والدين حتى دموع العين "