نادي الوزراء السابقين
على سبيل الجد لا الهزل، أقترح أن يُؤَسَّس نادٍ يلمُّ شمل رؤساء الوزارات والوزراء السابقين، في بادرة لمؤسَّسة مجتمعٍ مدنيٍّ يكون همُّها التوسعة على الأردن كدولةٍ لتنأى بنفسها عن مآزق الحُكمِ، ومآزق المال، ومآزق الخبرة. أي أن يجد السابقون هؤلاء شغلةً تشغلهم لصالح الوطن، بدل طحن الكلام في الصالونات، والتبجُّح بالإنجازات، ولا توجد أحياناً.
أقترح أن يفكر السَّابقون هؤلاء في إطار هذه المنظمة، كيف يمكن السَّعيُ محليّاً وعربيّاً ودوليّاً في التخفيف عن الأردن من ضوائقه الخانقة، وكيف يزودون القائم على الأمر بالحكمة والرَّأي السَّديد، وكيف يساهمون في تغيير الفكرة الشائعة السيَّارةِ إلى بنية صُلبةٍ ثابتةٍ.
فلقد أُعجِبنا أيَّما إعجابٍ بتولي رؤساء سابقين للولايات المتحدة مهماتٍ شريفةٍ تخلق لبلدهم بُعداً أخلاقياً مُهمّاً، كما فعل كارتر وكلينتون. وجعلَنا الأمرُ، على هذا النحو أو ذاك، نفكِّرُ بشخصياتٍ لدينا ساهمت إلى هذه الدرجة أو تلك في بناء الدولة أو تمشية الحال، لأن الوقت لم يسعف قبل صدور التعديل الوزاري، الذي بات سيفاً مصلتاً على رأس كل وزير، في أي وزارة كانت. فعدد لا بأس به من الوزراء لم يكن وقت توزرهم كافياً لإحداث أيّ نقلة من أي نوعٍ، وإن لم تخلُ من إنجاز، كمثل آخرهم الصديق طارق مصاروة، الذي لم يكن حاملاً معه أجندةً ولا مصالح شخصيّة، بل كان منفتحاً على البناء، ما قدرت عليه همَّة وزارةٍ تعاني من عجيب الوطء على زجاجِ الفاقة والتقتير والهامش.
فإذن، إنَّ وزراء عاطلين عن العمل سيجدون في المنتدى ما يحثُّ الهمَّة لاستكمال مشاريع البناء والتَّصحيح، لا من مال الحكومة الشَّحيح، بل مما يجمعونه من القطاعِ الخاص، ومؤسَّسات التَّمويل غير الربحيَّة، المحليَّة والإقليميَّة والدَّوليَّة، بما يثلجُ القلب بمشروعٍ تعثَّر لأن الوزارة عُدِّلَت أو الوزارة طارت.
فأشخاص محترمة، ودائماً هناك منها أناس، لا يزال البلدُ بحاجةٍ إلى مسعاها في الخير والحكمةِ لابدَّ أن يجمعها على الخير والحكمة جامعٌ، ليس منها أن يعود الوزير السَّابق إلى عمله السَّابق، من أولئكَ الذين واللواتي عاقروا الواقعَ وعاينوه، كما عاقروا خروق الثوبِ، فلا تَتَّسع على الراتق.
أدعو كل من يحملُ صفة "سابق" في الإدارة الحكومية العليا أن يفكِّر مع أهل الرَّأي من "السابقين"، لاستنبات فكرة العمل المجتمعيّ لهذه الشريحة بالذاتِ، الذي يصبُّ تحديداً في توفير مشروعاتٍ ضروريَّةٍ في المرحلة الحالية لاستنقاذ ما يوشك أن يتهاوى بسبب توحُّشِ الأزمة، وأخطرها غيابٌ مرعب للديمقراطيَّة والتربية على سننها!!!
دعونا لا نفقدِ الأملَ...