الأمن والإعلام.. مطلوب كشف الحقائق
صفقنا لمدير الأمن العام ورجاله طويلاً عندما اقتحموا، بالعملية المشتركة مع قوات الدرك، مناطق كانت معروفة بأنها عصية على الأمن العام ورجاله. وقد تمترست فيها عصابات خارجة على القانون، أشاعت الفوضى ونشرت عدم الطمأنينة لدى المواطنين، حتى باتت سمعة الأمن العام على المحك، وثارت التساؤلات.. لماذا لا يفرض القانون في كل المناطق؟
وأغلق الأمن الطريق أمام كل التساؤلات عندما قام بعمليته، وأعاد الأمن واستعاد السيارات المسروقة. والأهم من استعادة المسروقات والمفقودات أن استعاد الأمن العام هيبة الدولة التي ظن البعض أنهم يستطيعون التطاول عليها، وأوهموا الناس أنهم قادرون على ذلك مع الإيحاء بأنهم يتمتعون بحماية، وأنهم فوق القانون.
وجاءت عملية الأمن العام لتضع الأمور في نصابها، وتضع حدا لهؤلاء وتوقفهم عند حدودهم.. مؤكدة أن لا أحد فوق القانون، وأن الأمن العام يستطيع ملاحقة المجرمين أينما كانوا وأيا كانوا.
صفقنا طويلا لمدير الأمن العام ورجاله عندما أعطوا الصحافيين ورجال الإعلام بوسائله المختلفة سترات خاصة يرتدونها أثناء الاعتصامات والاحتجاجات، حتى يتم تمييزهم ومعاملتهم معاملة خاصة تليق بهم، وتساعدهم في أداء مهماتهم بالتنسيق مع نقابة الصحافيين. وقلنا إنه استمرار لنهج الأمن العام الحضاري عندما وزع المياه على المشاركين في الاحتجاجات.. وعندما شارك مندوب الأمن العام في ندوة أقامها مركز حماية الصحافيين حول العلاقة بين الأمني والإعلامي، في حين غاب مندوبو أجهزة أمنية أخرى عن الندوة واستبشرنا خيرا. وازددنا تفاؤلا بتثبيت العلاقة بين الأمني والإعلامي، وهي العلاقة التي يجب أن تكون وثيقة في كل الأحوال، لأن الطرفين يكملان بعضهما في خدمة الوطن، ولا تقاطعات في سبيل تحقيق هذا الهدف.
صفقنا طويلا لكل هذا، ولكننا صدمنا طويلا أيضا.. وأصيبت آمالنا بانتكاسة ونحن نرى رجال الأمن يعتدون على الصحافيين أثناء الاعتصام الأخير في ساحة النخيل. والغريب أن المعتدين ارتكبوا فعلتهم بقسوة.. وكأن لهم ثأرا شخصيا مع بعض الزملاء من الإعلاميين.. مما يدفع إلى الشك بأن الاعتداء مفتعل، وقد تكون له أجنداته الخاصة ويهدف إلى الوقيعة بين الأمن والإعلام.
وقد تباينت الآراء وتعددت وجهات النظر فيما حدث، وبعضها قطع شوطا طويلا وبعيدا في التأويل والتفسير، إلا أن ما حدث كان مؤلما ومخجلا، وأضر بسمعة الأردن، ودان سلوك رجال الأمن العام الذين صفقنا لهم قبل أيام.
ومع أن الأمن العام، وعلى لسان مسؤوليه، شكل لجنة للتحقيق في الاعتداءات، إلا أن الأمر يتطلب أن تكون ردة الفعل أسرع وأقوى منذ اللحظة الأولى.
وإذا كان هناك تنسيق مسبق مع نقابة الصحافيين، فإن من ارتكب الاعتداء كان يهدف فعلا إلى الإساءة للعلاقة بين الإعلام والأمن.
وإننا حريصون في وسائل الإعلام أن نبني علاقة مع الأمن العام تقوم على الثقة والاحترام المتبادلين. ونستذكر معا أننا جميعا جنود نعمل لخدمة الوطن كل في موقعه. لذلك، فإن المطلوب من لجان التحقيق أن تكشف الحقائق فعلا، وأن تضع النقاط على الحروف حماية لسمعتها، وحرصا على العلاقة بين الأمن والإعلام.
وكشف الحقائق مهم للأمن أكثر من الإعلام، لأن المعتدين خالفوا توجهات الأمن. وأعتقد أن مدير الأمن معني بمعرفة حقيقة ما حدث أكثر من الإعلاميين.