“الربيع العربي” يصل اسرائيل ايضا

ثمة من يعتقد ان ما اصطلح على تسميته ب ” الربيع العربي” هو خاص بالحالة العربية، لكن عند النظر لما حولنا نجد ان هذا الربيع قد وصل اسرائيل ايضا منذ عدة اشهر، واعشابه الخضراء هناك  اخذة بالنمو سريعا.

 

  منذ نهاية الاسبوع الماضي والمئات من الاسرائيليين – معظمهم من الشباب- يخيمون في ساحات تل ابيب والقدس الغربية المحتلة احتجاجا على الاثمان الباهظة للمساكن واجور الشقق، يطالبون بتخفيضها، ويرفعون شعارات تطالب بالاطاحة بنتنياهو وحكومته. واليوم ومع بداية الاسبوع الجديد اعلن اتحاد طلبة الجامعات انضمامه للاعتصامات المفتوحة، وانه سيقيم المئات من الخيام تمتد من شمال “اسرائيل” الى جنوبها.

 

   هذا الحراك الشبابي داخل ” اسرائيل” اليوم ياتي في ظل نقاشات تتصدر اهتمام حكومة نتنياهو حول مطالبات بتخفيض اسعار الحليب، بعد نجاح حملة مقاطعة اطلقها المستهلكون الاسرائيليون عبر الفيسبوك قبل اسبوعين للمطالبة بتخفيض اسعار منتج الجبنة البيضاء المعروفة عند الاسرائيلين باسم ” كوتيج ” والتي اتت اكلها بان جرى تخفيض السعر من 8 شيكل الى 5 ، ورافق هذه الحملة ايضا دعوات عبر الفيسبوك لتخفيض اسعار رسائل الخلوي القصيرة، باعتبارها الاغلى في العالم، ودعوات اخرى من الشبان مرتادي دور السينما بتخفيض اسعار البوب كورن (البشار) بعد ان لاحظوا ارتفاعها. 

  المتتبع للشان الداخلي الاسرائيلي يوميا يجد ان اضرابات الاطباء والممرضات التي بدات هناك قبل اربعة اشهر لم تتوقف لليوم، فهم يطالبون بتحسين ظروف عملهم واوضاعهم المعيشية.

 

   فالشارع الاسرائيلي حاله اليوم كحال الشارع العربي بدأ ينتفض احتجاجا على ظروفه المعيشية، واخذ يعبر عن رفضه لظروفه الحياتية بالاحتجاجات والاعتصامات والاضرابات، الى ان وصل الحد اليوم الى التخييم في الساحات العامة، في مشهد لا يختلف كثيرا عن مشهد ساحة التحرير في قلب القاهرة.

 

   ليس غربيا ما نشهده اليوم في الشارع الاسرائيلي من ازمات اجتماعية واقتصادية وسياسية، ومطالبات بالاصلاح، قبل ان تنفلت الامور هناك، خصوصا وان صحيفة اقتصادية اميركية مرموقة مثل” وول ستريت جورنال” خرجت بتقرير قبل اسبوعين بان غضب الشارع الاسرائيلي يتزايد بسبب تركز المال بايدي عدد قليل من العائلات الثرية.

 

  لكن مما يثير الاستغراب انه وفي ظل هكذا وضع متازم داخل الشارع الاسرائيلي يطالب فيه المواطن بتحسين ظروفه المعيشية، يتغيب الوسط العربي في اراضي ال48 تماما عن هذا المشهد خصوصا ان العربي – الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية- يعاني الامرين جراء التفرقة والتمييز العنصري بين العرب واليهود على امتداد الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة.

 

  والذي يثير الاستغراب اكثر واكثر، تلك التغطية غير الموضوعية لوكالات الانباء العالمية، التي تتركز مكاتبها الاقليمية في الشرق الاوسط في تل ابيب، حيث تتجاهل تقريبا ما يحدث في الشارع الاسرائيلي من اضرابات واعتصامات، وتخييم في الساحات،في حالة لا تختلف عما يجري في العالم العربي اليوم، وتركز تغطياتها الاعلامية على الدول العربية فقط تحت شعار “الربيع العربي “.

 

   محللون اقتصاديون ومعلقون اسرائيليون يعتقدون ان رياحا انقلابية باتت تهب اليوم على الشارع الاسرائيلي، اذ يقول المحلل في صحيفة هارتس نحمايا شترسلر ان نتنياهو يساوره القلق ، فاذا استطاع حل ازمة اسعار الحليب والجبنة بتخفيضها شيكل او اثنين، الا انه سيقف عاجزا امام مشكلة السكن وايجارات الشقق المرتفعة بشكل جنوني في قطاع يقدر بالمليارات، في وقت استطاعت فيه الاحتجاجات الشعبية وخيم الاعتصام في المنطقة من اسقاط انظمة.

 

www.aymanhunaiti.wordpress.comm

 

www.israelclosely.blogspot.com