جمانة غنيمات تكتب: شركات ورقية بالملايين

أخيرا، وبعد انتظار طويل قد يجد مساهمو شركات المساهمة العامة من ينصفهم ويعيد لهم شيئا من حقوق سلبت منهم بشكل غير قانوني. وذلك بعد أن بدأت دائرة مراقبة الشركات بجهود مديرها بسام التلهوني جهدا محمودا لرصد المخالفات وتحويل الفاسد منها إلى هيئة مكافحة الفساد. والمضي في هذا النهج ضرورة لتقويم الاختلالات والأخطاء، خصوصا أن كشف الكوارث في أداء هذه الشركات بحاجة إلى جهد كبير يظهر لنا تواطؤ مدقق الحسابات مع إدارات الشركات على حساب المستثمرين. كثيرا ما تناولت قضية الفساد في الشركات المساهمة العامة، وطالبت بمزيد من الرقابة عليها باعتبارها مسرحا مفتوحا لممارسات تضر بمصالح المساهمين، لكن لا حياة لمن تنادي، وظل صغار المساهمين يرزحون تحت ظلم كبير،غطاؤه القانون وعمليات الهندسة المالية التي يتقنها بعض مدققي الحسابات.
وظل ملف شركات المساهمة العامة معلقا من دون تدقيق أو تمحيص حتى بلغ حد المخالفات فيها مستوى لا يمكن السكوت عنه، في ظل تخلي الجهات الرقابية المسؤولية عن مسؤوليتها.
الأمثلة كثيرة على المشاكل التي تعاني منها هذه الشركات، وآن الأوان لرصدها ومعاقبة من أساء استخدام موقعه فيها وجيّره لمصالح شخصية؛ إذ ليس صحيحا أن هذه شركات خاصة يحق لمسؤوليها اعتبارها مزارع خاصة لهم ولعائلاتهم.
بحسب المعلومات الواردة، فان مراقبة الشركات تحقق اليوم في ملفات ست شركات مساهمة عامة، تم تحويل ثلاث منها إلى هيئة مكافحة الفساد، ولا يبدو أنها ستتوقف عند هذا الحد بل ستوسع عملياتها لتطاول جميع هذه الشركات حتى نصل لمرحلة لا يكون هناك تواطؤ رسمي كما كان يحدث في السابق مع هذه الشركات من خلال غض النظر عن مخالفاتها. مخالفات الشركات تتنوع؛ فمنها ما يرتبط بتضخيم قيمة الأصول، وتمويل شركة من شركة أخرى، وأهم من كل ما سبق مسألة الشهرة التي استخدمت كوسيلة لتجيير أموال المساهمين لخدمة أجندات ومصالح مسؤولي الشركات.
ورغم الحراك الواضح يبدو أن جهات ذات علاقة مباشرة بالشركات مثل هيئة الأوراق المالية ما تزال غائبة عن القضية رغم أن المادة 8 من قانونها تؤكد أن دورها يقتضي حماية المستثمرين في السوق المالي وتنظيم سوق رأس المال وتطويره بما يكفل تحقيق العدالة والكفاءة والشفافية وحماية سوق رأس المال من المخاطر التي قد يتعرض لها. ولم يقتصر تقصير هيئة الأوراق المالية عند ما يتعلق بشركات المساهمة العامة بل فشلت في إدارة المخاطر بالسوق من خلال تعاملها اللين مع شركات الوساطة المالية التي تعد قنبلة جديدة قد تنفجر قريبا، بعد أن يظهر لبعض المستثمرين عدم قدرتها على سداد التزاماته تجاههم.
فتح ملفات شركات المساهمة العامة يضعنا على أول الطريق الصحيح، كونه يكشف خداع القائمين على الشركات من دون حسيب أو رقيب، وإتمام هذه المهمة ضرورة لإحقاق الحق.