انطوائية الدولة والعبث العام


العنف لم يعد اسريا وحسب وانما هو الان مجتمعي ومثله التفكك الذي بات مجتمعيا ايضا، وبعد ان كانت العلاجات للقضايا والمشاكل الاسرية منوطة بعدة جهات متطوعة او مكلفة فإنها الان متروكة كون الحالات توسعت لتطال شرائح بأكملها حد انه صار معتادا مشاهدة مظاهر العنف والاساءة في شتى الاماكن وحيثما ولت الوجوه، ولا يكاد يمر يوما إلا وفيه عشرات القصص والاحداث الذي تطالع تفاصيل اخبار المشاجرات والسرقات وتبادل الالفاظ البذيئة، وليس خافيا ان ظاهرة استخدام ابواق وزوامير السيارات قد ازدادت اضعافا كانعكاس لعنف مجتمعي كامن وكذلك الى تفكك اخلاقي وثقافي مثير لا تخطئه عين او اذن.
ايضا تتفاقم بشكل كبير ظاهرة انعدام الثقة بين الناس واصبح الكل عدو الكل والجميع بلا اكتراث لمن حولهم وليس هناك من يساعد او يتطوع الا نادرا ، واصبح شبه مستحيل ايجاد من يفرج كربا اويقدم عونا، وطرود الخير في أسوأ مستوى ومستقرة عند حد 20 دينارا واقل وبذات المحتويات من سكر وارز وعدس ومعلبات الفول. اما المساعدات المالية فشبه معدومة وندر الان من يقدم مالا ولو كقرض لاقرب من حوله.
وتفاقمت كذلك مظاهر الغش والخداع وندر من لا يغش بتجارته بالاسعار والنوعية، والثقة بين البائع والمشتري معدومة تماما، والامر يطال المرافق العامة في الدولة حيث كل عطاءات البنى التحتية من طرق وحفريات تنتهي الى خراب بعد اقل وقت.
في التدقيق والمراجعات العامة تنتهي الامور الى نتيجة ضرورة اعداد الدراسات العلمية بغية الوقوف على الحلول لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وتخلص دائما ان مسؤولية التردي تتحملها الحكومات جراء سياساتها العشوائية والتجريبة، وفي هذا المستوى تنبري كل واحدة بتحميل من سبقها المسؤولية رغم انها كلها تراكم تباعا كل اسباب الانحلال المجتمعي.
واكثر ما يثير الرعب في النفوس انعدام ليس الثقة وحسب وانما الاحترام المتبادل ايضا وذلك في المستويات كافة، والمتابعة العادية لما ينشر يكشف ذلك حيث لا تقدير عام للنواب والحكومة وشتى المؤسسات الاخرى وتجدها كلها محل سخرية وتندر واكثر من ذلك ايضا، وفي المقابل لا تجد اي من هذه الجهات من يكترث، فأي دمار هذا والى اين يجري الذهاب بالبلد.