الفرق بين الموالين ... والبلطجية ...!!!

استغرب كثيرا مما ارى واسمع .. ما ان تسمع عن مسيرة للمعارضة الاصلاحية التي تطالب بحقها المشروع في حماية مقدرات البلد ، ومحاربة الفساد ، الا وترى مجموعة من "البلطجية" قد تجمهروا في نفس المكان والزمان ، لاثارة الفتنة وضرب المعارضين ، والمسيء جدا في الموضوع ان "البلطجية" يرفعوا صورا للملك وصورا للاردن ، وكأنهم يريدوا ان يظهرونا في اردن الهواشم على ان الموالين هم مجموعة من "الزعران" و "البلطجية" ..!!

كما يطالب المعارضون للفساد والسرقة والتزوير والمطالبون بالاصلاح السياسي والاقتصادي بمطالبهم عبر نزولهم للشوارع نتيجة انعدام الاتزان والرؤية لدى حكومة شابها الكثير من الفساد سابقا ، وقضية شاهين حاليا، كما نزلوا للشوارع للمطالبة بما يرونهم حقا وعدلا ، فان الحق مكفول للجانب الاخر من المواطنين والذين يرون ان البلد بخير وعافية وان الاقتصاد والسياسة على ما يرام ، لهم الحق بغض النظر عن صواب ما يقولون من عدمه ان ينزلوا للشوارع ليعبروا عن رأيهم .. ولكن .. لماذا الزمان والمكان دائما وابدا يكون نفس الزمان والمكان الذي يقصده المعارضون ..؟؟ ان هذا بحد ذاته يضع علامات كثيرة من الاستفهام على من يسمون انفسهم "موالين" ..!!

كلمة "موالين" تعني هنا انهم موالين للملك ، او هكذا ارادونا ان نفهمها ..!! ، ان كانوا يقصدوا موالين للملك فأينا معارض للملك ؟؟ .. جلالة الملك والهاشميون محل اجماع الجميع ، اذن .. نعود من حيث بدانا، ماذا يقصد هؤلاء بكلمة "موالين" .. ؟؟

قبل ان نخوض في مقاصدهم .. دعونا نكون منصفين لبعضنا البعض .. المواطنون الاردنيون هم على أربع اصناف ،

اصلاحيون يؤيدون النزول للشارع ،

واصلاحيون يؤيدون الاصلاح بطرق برلمانية وسواها ،

ومفسدون يخشون من اي اصلاح ،

ومواطنون لا شأن ولا رأي لهم

هذه وجهة نظر للساحة والحالة الراهنة في الاردن ، وراي يحتمل الصواب والخطأ ، ولكنها معادلة مبسطة لنرى الواقع عن كثب 

اصلاحيون يؤيدون النزول للشارع ،

وهم خليط كبير من شباب غير محسوب على اية جهة ، وتبعهم معارضون حزبيون ، وتبنت افكارهم بعضا من القبائل ، وشد على ايديهم معارضون مستقلون ، وسار معهم خليط من المواطنين "المقهورين" ، ومزيج منوع اخر .

وهم مؤيدون للملك ، ومعارضون لحكوماته ويصفونها بالفساد وسرقة البلاد ، ويدعون الى كف يد الاجهزة الامنية عن الشعب وفصل السلطات عن بعضها ومطالب اخرى.

واصلاحيون يؤيدون الاصلاح بطرق برلمانية وسواها ،

هم ايضا مزيج من عدة اتجاهات مستقلة ، حزبية ، حكومية ، مواطنين ، عشائر وسواهم ، يجمعهم بدون تجمع الدعوة الى الاصلاح ومحاربة الفساد ومعظم مطالب الفريق الاول ، باستثناء انهم يخشون من الفوضى وخروج الامر عن السيطرة ان نزلوا للشوارع ، حيث انهم يتفقوا مع الجميع في ان الحكومات المتعاقبة هي مصدر الخلل ، ولكنهم يرون ان العقلانية والحكمة والدفع باتجاه الاصلاح ولو بخطوات بطيئة خير من مغامرة النزول للشوارع الغير مضمونة النتائج على امن البلاد.

ومواطنون لا شأن ولا رأي لهم

هم مجموعة وشريحة كبيرة من المجتمع الاردني من مختلف الاعمار والتوجهات ، يقبعون تحت خط الفقر ، ولا يسعهم تأمين قوت يومهم او علاج مرضاهم كما يجب ، فلا وقت لديهم للنظر لابعد من ذلك ، وهم ضحية مباشرة للسياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة ، والبعض يدعي ان ما حصل معهم هو مقصود ومخطط له من قبل البعض لاشغالهم والهائهم بلقمة العيش، لكي يصلوا الى ما وصلوا اليه من عدم النظر الى ابعد من سقف لقمة العيش ..!! ربما هذا صحيح وربما هو نابع من عقدة المؤامرة لدى البعض ..!!

ومفسدون يخشون من اي اصلاح ،

الخطر الكبير هنا ، حيث ان هؤلاء هم قلة قليله ، وهم حثالة اية مجتمع من المجتمعات على مر العصور ، فالشيطان والطمع وحب الذات اغراهم لهذا الطريق ، ولا يوجد اي شخص يستطيع القول انهم غير موجودين ، وعلى النقيض ، لا يمكن لاي شخص ان يقول انه يمكن القضاء عليهم ، فهم سوسة المجتمعات التي تنخر بها ، حيث يمكن تحجيمهم ، ولكن لا يمكن القضاء عليهم ..!! 

ولانهم يملكون الجاه والنفوذ والمال الوفير ، فانهم قادرون على شراء اصحاب الذمم الرخيصة او المفلسون او "اصحاب الحاجات" الذين سدت الحكومات المتعاقبة عليهم مسالك الحياة الكريمة فهم "قد" يبيعون انفسهم للشيطان من اجل لقمة العيش فالجوع كافر وصرخات العيال تقصم ظهور الرجال ..!! ونحن هنا لسنا بصدد الحكم عليهم او ايجاد المبررات لهم ، النتيجة واحده لكل ما سبق ، وهو نشوء ظاهرة "الزعران" او "البلطجية"..

اذن نخلص مما سبق الى ان "البلطجية" هم مجموعة من ضعاف النفوس تم شرائهم من قبل المفسدين لحماية فسادهم "ومكتسباتهم" الغير مشروعة ، عن طريق تسخير وتجييش "البلطجية" للاحتكاك والاصطدام مع الاصلاحيون او سمهم ان شئت المعارضون الذين يطالبون بمحاربة الفساد ، وكما اسلفنا هم لبسوا عبائة "الموالين" وهم منهم براء ، فجميع الشعب الاردني موالين للملك ولتراب الاردن باستثناء الفاسدين فهم موالين لجيوبهم ولمن يدفع اكثر سواء من الداخل او الخارج ..!!

والمفسدون ربما كانوا وزراء حاليين او متنفذين على رأس عملهم او متقاعدون او سواهم من رجال الاعمال "الغير شرفاء" اسمائهم باتت معروفه وأماكنهم معلومة ، ولكن يصعب الاطاحة بهم وبقر قروشهم التي امتلأت من مال الشعب المسروق الا بقرار من اعلى المستويات ..!!

هنا يحق لنا أن نتسائل : لماذا شاهدنا على اشرطة الفيديو على موقع اليوتيوب (دوار الداخلية) هؤلاء "البلطجية" وهم يقذفون المعارضين بالطوب "الكبير" ورجال الامن لا يبذلون جهدا كافيا لردعهم ؟

لماذا لا يتم ايقافهم واستجوابهم لمعرفة دوافعهم الحقيقية ؟ ومن محركهم وموجههم ليتواجدوا في نفس الزمان والمكان الذي توجد به مسيرة للمعارضة ؟

لا تقل لي ان دوافعهم شخصية نابعة من محبتهم لملكهم ووطنهم !! فهذا كلام عفى عليه الزمن ، والتشكيك بحب وولاء المعارضين هو مرفوض وعار عن الصحة ، فهم من يطالب بالاصلاح ومكافحة الفساد ..!!

كلمة "موالين" اصبحت مثل قميص عثمان ، يرتديه المفسدون واللصوص "الكبار" ومن يتبعهم من "البلطجية" لتشويه صورة الاردن الحضارية الديمقراطية التي ترتدي اجمل حلة وابهى عرس ديمقراطي لها من خلال السماح للمواطنين بالتنفيس عن غضبهم ورفع مطالباتهم بطريقة مهذبة ومحسوبة ومدروسة وهذا ما اثبتته الايام ، ان المواطنين الاردنيين على درجة كبيرة من الوعي والاخلاق والانضباط ، فلماذا تسمح الحكومة لؤلاء المندسين من "البلطجية" بتعكير صفو العرس الديمقراطي ؟ البعض يقول "ويدعي" بانها مصالح مشتركه بين الحكومة والفاسدين، فالمفسدين لا يريدوا ان يرتفع صوت المواطنين الداعين للقضاء على فسادهم ليصل الى الملك ، والحكومات تظهر ضعيفة وعاجزة بل وفاشلة امام الملك حين يخرج الشعب لينادي باسقاطها.. وان صحت هذه النظرية فان الحكومة تنزل من نفسها وهيبتها لتكون في وعاء واحد مع اعداء الوطن والمواطنين ..!! فكيف تقبل الحكومات بذلك .. ؟؟ اذن هي مصالح مشتركه والوطن والمواطن من يدفع ضريبة القمع وحجر الكلمة وتحجيم الحريات ، والمفسدون من يستفيد من هذا الوضع "المختل" المشترك ..

اجمل مافي الموضوع واكثر ما يميزنا عن باقي الدول العربية ان الملك بنفسه يحارب الفساد ، والتقت كلمة الملك مع كلمة المواطن في حرب الفساد وضرورة الارتقاء بالوضع المعيشي للمواطن البسيط ، وسر الجمال والروعة هنا ، ان النتيجة محسومة لصالح الوطن والمواطن ولو طال الزمان .

المهندس الاردني