لقد وقعنا بالفخ
تعمد حبر الكلمة مرة أخرى بالدماء بعد أن انهالت هروات رجال الأمن والدرك على رؤوس حملة الأقلام.
الاعتداء الجديد على الصحفيين جاء على وقع مواثيق لتسهيل مهمتهم أعلنتها مديرية الأمن العام قبل يوم من بدء اعتصام حراك 15 تموز في ساحة النخيل بوسط البلد.
الصحفيون التزموا بالمواثيق فارتدوا سترا برتقالية قالت مديرية الأمن العام إنها لتميزهم عن المعتصمين ولتمكينهم من تغطية فعاليات الاعتصام بكل أمان وسهولة.
بيد أن ستر الأمن البرتقالية حولت الصحفيين إلى أهداف "للقنص"، فانهال رجال الأمن والدرك عليهم وعلى مشاركين في الاعتصام ضربا وركلا بعصي وهراوات، بل إن بعضهم استولى على "أسياخ لشوي اللحم" من محل مجاور للساحة وضربهم بها.
النتيجة كانت إصابة صحفيون بجروح ورضوض وهم سامي محاسنة وخليل المزرعاوي وياسر أبو هلالة وأنس ضمرة ومحمد كسواني ومحمد الزعبي وأنس خواص، فيما انهالت على غالبية الصحفيين أثناء تغطيتهم لأحداث الاعتصام شتائم مقذعة.
الصحفيون قرروا خلع ستر الأمن البرتقالية، معتبرين أنه جرى استدراجهم إلى فخ، فاعتبر نقيب الصحفيين طارق المومني أن هناك نية مبيتة للاعتداء على الصحفيين، وأكد في مؤتمر صحفي عقده في ساحة النخيل أنه كان هناك تنسيق مسبق مع مدير الأمن العام لمنع وقوع ما حدث من اعتداءات، ورأى أن ما جرى يظهر أنه لا إرادة حقيقية للإصلاح.
فيما أكد مدير مركز حماية الصحفيين نضال منصور أن "الحديث عن حماية الصحفيين وعود كاذبة"، إذ لم يمضي على الاتفاق مع مدير الأمن العام على توزيع ستر لتميز الصحفيين حتى سقط هذا الاتفاق بعد لحظات من وصول المعتصمين إلى ساحة النخيل، وشدد منصور إلى أن الصحفيين لن يقبلوا بعد اليوم "وعودا" أو "إطارا تنسيقيا" لحمايتهم، لكنهم سيلجؤون إلى القضاء هذه المرة.
على الجهة المقابلة، نسي الناطق الإعلامي باسم الأمن العام المقدم محمد الخطيب أمر ستر الأمن البرتقالية، ورأى أن إصابة الصحفيين أثناء تغطيتهم لاعتصام ساحة النخيل أمر طبيعي نتج عن تواجدهم في أماكن الاحتكاك.
وهو تعليل كرره وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال عبدالله أبو رمان أثناء زيارته للصحفيين في ساحة النخيل، مؤكدا إنه لا يوجد استهداف للصحافيين، وأن الاعتداء عليهم لم يكن مقصوداً.
وبين أن الحكومة ستستمع لرواية كل من الأمن والصحافيين لتحديد المسؤولية، مشددا أن الحكومة لديها الجراءة للاعتذار، إذ كان هناك خطأ.
وكالعادة "تكرم" المسؤولون بتفقد الصحفيين الراقدين على أسرة الشفاء، وأكدوا أن الاعتداء عليهم هفوات غير مقصودة وفردية، مضيفين أن هناك تحقيقا تجريه الجهات المعنية لتحديد المسؤولين.
كلام سمعه الصحفيون كثيرا حتى بات أشبه بنكتة سمجة، إذ سبق هذا التحقيق سلسلة طويلة من لجان التحقيق، لكن كل ذلك لم يضع حدا لسطوة الهراوة على حملة الأقلام.