غياب الإدارة ..... إلى متى ؟

 

 


ليس خافيا على احد ان دعاة الاعتصام المفتوح كانوا يرغبون بمواجهة مفتوحة بالمقابل , مزودين بفتوى الشهادة ومستثمرين فيها عسى ان تتحقق نبوءة الفتوى ويسقط شهداء او قتلى فتتساوى الرؤوس وتضيع العقول واصواتها المحذرة من الفتنة والصدام ويفقد الجميع ثقته بالمجتمع وطريقة اداراته للاختلاف وتباين وجهات النظر بين مكوناته , وتصطاد كاميرات النميمة وميكروفناتها ما تود رؤيته في عمان لتتسع شاشة النميمة لمواجهات تسترد من خلالها جماهير فقدت ثقتها بهذه الشاشات بعد ضياع المهنية تحت اقدام اجندات سياسية مشموسة شعبيا .

صباح الجمعة كانت الدلائل تشير الى يوم هادئ نسبيا بعد اسقاط خيار الاعتصام المفتوح وانسحاب مكونات رئيسية من تحت هذا الشعار العدمي وارتفاع صوت العقل ومنطقه وانعكاس ذلك على عدد المتظاهرين هذا العدد الذي لم يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة من المئات .

فجأة وبعد ان خمدت نار الفتنة او كادت , صعق الجميع من شكل التعامل الفظ لقوات الدرك مع المتظاهرين وفظاظة اشد مع الصحفيين الذين ارتدوا سترات وزعها الامن العام انسجاما وتنفيذا لاتفاق مع مدير الامن العام لحماية الصحفيين اذا وقع المكروه لتصبح هذه السترات هي المستهدفة وكأن اللون البرتقالي هو كلمة السر للضرب والتكسير الى الحد الذي دفع نقيب الصحفيين الى الطلب من الزملاء خلع هذه السترات البرتقالية .

سبق التحذير من الفتنة وسبقها التحذير بأن المعارضة وشكلها يتحددان من شكل الحكومة واجهزتها فتحققت صدقية التوقع ان الطرفين هما ازمة لا مشكلة وحل مفترض , فجزء من المعارضة اختار التصعيد غير المبرر ولجأ الى الاعتصام المفتوح والاخطر ان جزء من الدولة صدق الحكاية واخذ على عاتقه اثبات صدقيتها , فلجأ الى عنف غير مبرر بل والاخطر انه اضاف مدماكا جديدا في جدار عدم الثقة المتنامي بين الحكومة والشارع واضاف مبررا لإحساس الناس بعدم جدية الاصلاح وبرامجه , وان ادارة الازمة في البلاد لا يتوفر لها مطبخ حيوي يتعامل مع الحدث بتروٍ وعقل بارد كما هي طبيعة المطابخ السياسية بل ثبت اننا تجاوزنا نظرية المطبخ الى الديلفري .

قبيل 15 تموز نجحت مفاتيح سياسية في فكفكة الاعتصام وبرّدت الكثير من مفاعلاته وتفاعلاته وقاد الاعلام الاردني مع تميز لصحيفة الدستور المشهد نحو التهدئة وامتصاص الاحتقان وكشف الاهداف المستورة خلف الاعتصام المفتوح ودعاته , مع الحفاظ على حقهم في التعبير السلمي غير المعطل لمصالح البلاد والعباد وكادت الجمعة الاكثر توجسا في وجدان الاردنيين ان تمضي بسلاسة اسوة بباقي الجمع لولا تدخل الدرك الفظ وغير المسموح في مشهد بات يتكرر دون ردة فعل حقيقية من الحكومة حتى استرخص الدرك كلفة الفظاظة فصارت على ما يبدو سلوكا غير مكلف ويوفر الوقت والجهد حتى ولو كان على حساب صورة الاردن الكلية وحوارها الاصلاحي وخطوات الملك المقدرة .

وقفنا ضد الاعتصام المفتوح ليس لانه مخالف دستوريا او قانونيا بل لانه مخالف سياسيا ويضر بالاستراتيجية الاصلاحية في مداها الاقتصادي والاجتماعي في توقيت سياحي بامتياز , عسى ان نستثمر الموسم للمصلحة الوطنية واستثمار هذا العدد الهائل من المغتربين لفكفكة الازمة الاقتصادية على الشرائح الشعبية من اصحاب المحلات الصغيرة والمتوسطة , موقفنا ضد الاعتصام من اجل صورة الاردن الكلية وجهد الملك الاصلاحي الذي تأثر كثيرا بخطوة التصعيد الفظة وغير المبررة من الدرك الذي وفر لكل المتشنجين ومن ورائهم من اعلام النميمة بيئة خصبة لبث سمومهم واستهدف زملاء يعملون في الاعلام المحلي الوطني والذي وقف مع وطنه ودولته وملكه لإعلاء صورة الاردن فكان جزاؤه التكسير .

نحزن من اصوات متشنجة ونحاول جرّها الى جادة الصواب ونطالب الحكومة بنفس الدور الان وجر المتسببين الى ساحة القضاء لغسل صورة الاردن وبرنامج الاصلاح وليس اقل من ذلك .