ياسر الزعاترة يكتب: أسـرار اللقاءات بين الإخوان والسي آي إيه!!

في الصحافة العربية كتبة وصحافيون من الدرجة الثالثة والرابعة يتوزعون على عدد كبير من الصحف ومواقع الإنترنت (دعك من ضيوف الفضائيات، وبعضهم لم يكتب حفنة مقالات في حياته كلها). هؤلاء لا شغل لهم إلا الإخوان المسلمين والطخ عليهم، سواءً جاء عملهم ذاك انطلاقا من التعليمات التي تأتي من هذه الجهة أو تلك، أو جاء نتاج عقد أيديولوجية كما هو حال بعض اليساريين الذين «تأمركوا»، أو دخلوا مجاهل النسيان وصاروا ينفسون عقدهم في الصحف ووسائل الإعلام.

النوع الأول كان ولا يزال موجودا في المؤسسات الإعلامية العربية، وهو سيبقى موجودا أيا يكن الوضع السياسي الذي يدافع عنه، كما أنه لا يتوقف عند الهجوم على الإخوان، بل يتصدى لأية قوة سياسية أو حتى غير سياسية لا ترضى عنها الجهات الرسمية.

ليس لدينا ما نضيفه في الحديث عن هؤلاء لأنهم حالة إنسانية موجودة في كل زمان ومكان، وهم يستفيدون من هذه المهمة التي يضطلعون بها، مع التذكير بأن هناك من بينهم من يمكن أن يكون مقتنعا بالدور الذي يقوم به تبعا لدوافع معينة، وهو لا يحتاج لكي يطلق سهامه في هذا الاتجاه أو ذاك إلى توجيه من أحد.

الأسوأ بالطبع هم الذي يتحركون بناءً على عقد أيديولوجية، لاسيما بعض خريجي مدرسة اليسار بطبعته الانتهازية ممن كان بعضهم يخفي دوافع أخرى لا صلة لها بالشعارات الكبيرة للتيار الذي انتمى إليه أناس عقائديون ومنصفون. أمثال هؤلاء لا يحتاجون إلى توجيه من أحد لكي يواصلوا حربهم على الظاهرة الإسلامية بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص.

لسنا ندافع عن الإخوان بالحق والباطل، وليس ثمة كاتب يتبنى الرؤية الإسلامية كتب منتقدا أخطاءً لبعض فروعهم في الجزائر والعراق وأماكن أخرى، وحتى في فلسطين كما فعلنا، لكن ذلك شيء وتنفيس العقد شيء آخر.

أحد صغار الكتبة الذي ظهروا مؤخرا في إحدى صحفنا، وهو من خريجي المدرسة إياها، ليس له همٌ سوى التفتيش في مواقع الإنترنت عن قصص يستخدمها في هجاء الإخوان والحط من قدرهم، وقد ذهب صديق إلى أنه يبحث عن القراء (يدرك أن مقاله لا يستحق المتابعة)، حيث يعتقد أن الكتابة عن الإسلاميين توفر له بعض الجمهور، لكننا نميل إضافة إلى ذلك إلى أنه ينطلق من عقده الخاصة. وفي الحالتين نحن إزاء لون بائس من السلوك لا يستحق غير الازدراء.

الأسوأ أن بعض الملفات واللقاءات السرية التي تحدث عنها تذكرنا بمجلة كانت تصدر في باريس، وتتخصص في كشف اللقاءات السرية للقوى الإسلامية، سواءً كانت مع جهات أجنبية متعددة الألوان، أم كانت لقاءات للتآمر وتدبير العمليات الإرهابية. وقد كان مثيرا للسخرية ذلك اللقاء الذي تحدث صاحبنا عن محضره (نقلا عن موقع فتحاوي)، وتم بين المراقب العام لإخوان الأردن ونائب مدير السي آي إيه في تركيا (تم تأليف القصة ومحضر اللقاء بطريقة بالغة السخف والركاكة)!!

الإخوان قوة سياسية موجودة في الساحة، وهم يصيبون ويخطئون، لكن الجريمة أن يواصل البعض الحديث عن أجندتهم الخارجية، في وقت يعلم العقلاء أن الأجندة الوحيدة بالنسبة لأية قوة سياسية ذات قيمة، فضلا عن أن تكون إسلامية، تتلخص في كسب الجمهور الذي يستحيل التشكيك بانتمائه لدينه ووطنه. وعموما يعلم الجميع أن حملات التشويه التي تتعرض لها الجماعة فليس لها هدف سوى فضّ الناس من حول رؤيتها وبرنامجها.

الذي يهاجمون الإخوان في العالم العربي لا يريدون للمسار الديمقراطي أن يأخذ مداه خوفا على مكاسبهم، أما حديثهم عن الإصلاح والحرص عليه، فليس سوى دعاية لا أصل لها لأنهم يدركون أن نوايا الإصلاح ليست متوفرة بالقدر الذي يلبي طموحات الناس، وإلا فهل وصفات الإصلاح معقدة إلى درجة حاجتها إلى ألف لقاء ولقاء من أجل فك ألغازها المعقدة؟!.

والحق أن سؤال الأجندة الخارجية يبقى كرة لهب يتقاذفها الناس في العالم العربي، ولا نعرف لمن ينحاز الخارج الغربي؛ للإخوان والقوى الإسلامية أم للأوضاع القائمة بكل ما تنطوي عليه من بؤس وتراجع، فضلا عن انحيازه لقوىً تستجدي التحالف معه بأي ثمن؟!

لن تتوقف هذه الظاهرة، ظاهرة الهجوم على دعاة الإصلاح والتغيير، سواءً كانوا من الإخوان أم سواهم، أما أسوأ ما يمكن العثور عليه، فهو استخدام سلاح الدين والعلم الشرعي في ذات السياق، وبالطبع من قبل أقوام باعوا دينهم بدنيا غيرهم، بينما يجاهدون من أجل إقناع أنفسهم بأنهم حملة مفاتيح الحق والحقيقة. ساء ما يحكمون.