لا للعودة لدعم البنزين

نظام تحديد أسعار المحروقات شهرياً على ضوء الأسعار العالمية لم يأت ِ ببساطة حتى يوضع تحت رحمة لجنةالتسعير، فقد احتاجت أكثر من حكومة لبذل جهود مضنية حتى أمكن إلغاء دعم البنزين والاستعاضة عنه بسعر واقعي متحرك شهرياً. هذا الإنجاز الذي يؤمل أن يطبق على مواد أخرى كالكهرباء لا يعني بالضرورة ارتفاع السعر شهرياً، بل تعديله بالزيادة أو النقص على ضوء التكاليف الفعلية في 30 يوماً ماضية. النظام الجديد نجح، وقبله الناس، ولم يعد هناك ما يدعو للاحتجاج إذا ارتفع السعر أو الشعبية إذا انخفض، وكان الرأي العام مهيئاً لقبول زيادة السعر هذا الشهر بنسبة 4.% لكن لجنة التسعير الموقرة ارتأت في 31 كانون الثاني، موعد التسعير الجديد، أن تنسف هذا الإصلاح الجوهري، وأن تثبت الأسعار إلى أجل غيرمسمى بصرف النظر عما يحدث في العالم من ارتفاع أو انخفاض، في سعر البترول ومشتقاته، اكتفاء بالضرائب والرسوم المفروضة على المحروقات والتي كان يمكن توقيت البدء بها في أول شهر لا تحدث فيه زيادة في الأسعار. في الحساب أن أسعار المحروقات كانت سترتفع لشهر شباط بنسبة 4 ،%لولا مفاجأة لجنة التسعير، خاصة وأن سعر البترول عالمياً كمؤشر ارتفع إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل، وليس معروفاً المدى الذي يمكن أن يصل إليه سعر برميل البترول صعوداً باتجاه 100 دولار، أو هبوطاً باتجاه 50 دولارا. وما زلنا نذكر تحديد رقم 55 دولارا للبرميل لتبرير البدء بتطبيق المعادلة على تعرفة الكهرباء. تولت لجنةالتسعير الإعلان عما حدث، وقالت في خبر، تم سحبه في اليوم التالي، ان اللجنة ضغطت على خمس وزارات لتقبل بتجميد السعر عند المستوى الراهن، وأن اللجنة ستعلق اجتماعاتها الشهرية إلى أجل غير مسمى. من حسن الحظ أن الحكومة قررت التدخل لحماية إنجاز إصلاحي هام حققته الحكومة السابقة، ومن حماية وزراء من الضغوط المزعومة للجنة التسعير، ومن الرغبة الجامحة لدى لجنة التسعير كي تسجل موقفاً، وتكسب شعبية على حساب المصلحة العامة وكأنها تحولت من هيئة فنية لحساب السعر الجديد إلى مؤسسة سياسية مهمتها مراعاة ظروف المواطنين كما تفهمها. من يدري فربما تقوم لجنة تسعير الطحين أيضاً بتجميد السعر والتوقف عن التسعير الشهري او الربعي للخبز والطحين حسب الأحوال، وأن تنسف ما قامت به الحكومة من تحول دعم الخبز إلى دعم المواطن. ليس هكذا يمكن تنفيذ برامج إصلاح اقتصادي، وليس هكذا تؤخذ القرارات كمفاجآت لا حافز لها سوى الشعبية، وليس هكذا يسهل على لجنة التسعير إعادة نظام دعم البنزين والمحروقات على حساب خزينة تبحث عن المال وليس إنفاقه على دعم البنزين الذي لا يستهلكه الفقراء.وشكراً لمن أعاد لجنة التسعير إلى صوابها بعد أربعة أيام من بدء الشهر