البحث عن وجع أقل

«يرفعون الاسعار بلا هوادة وعلى تفريغ جيوب الشعب يصرون وتجدهم بحمد الله لا يسبحون وبالكذب تراهم ساجدين والمصيبة يفعلون الموبقات ولا يخجلون».. تلك كانت مطلعا لأغنية تم تلحينها قبل انتهاء كلماتها، وهي تغنى دندنة بألم الوجع دون ناي والصدى انين، وعجبا لقوم يستسهلون العوز وعلى سلبهم لقمة اسرهم يصمتون ولسان حالهم خوف يظهرونه وقفات احتجاجية فيها يندهون ، ومن لا يملك حال لسانه ولا توقيع قلمه يخاطبون، والعطف عليهم منه ينتظرون، والشفقة ان تأتي من السماء او على شكل هبات كمكرمون.

ملت الكتابة ذاتها وهي تبحث كل يوم عما يمكن له ان يداوي حالا فلا تجد سوى الحبر نفسه يسيل كما عهده يشكل الكلام ثم الكلام، والحناجر مخنوقة بلا علاج، وبحت الاصوات هنا وهي لا ترى ما يمنع علاج التهاب اللوزتين في مايو كلينك ثم ان تستمر هي بشراب التيس فيين او قطرات من البول ريمين او بضع حبات هامل يجيين او هترش وفين والاخيرة وقبلها وصفتان كوصفة واحدة تنال من الكل وقد ادمنوها تماما وهي التي ينبغي ان تعالج اولا.
هنا تجري المطالبة بتزويج البعير الذي اكل الزرع، وكلب الشيخ شيخ، والعباءات وسط البلد بدينار فقط، والاشمغة من كل الالوان والاقبال قليل على الاحمر منها والازرق بسعر اوسلو، وما زال مكتوبا على قبر عرار عن مطرزات الهدب. والسيوف نبت كلها وما عاد هناك اغنية غير تلك اعلاه هنا وارض العزم يسودها تفريغ الحاويات بحثا عن لقمة عيش.
والمدينة لم تعد تختال وتغيب الحاجة لإسعاف اللسان، فكل القول صمت او انه خنوع. والجبال السبعة غاب عنها الهلال، والعقال سقط وما عاد مائلا وبدلا منه رؤوس للقطاف دون ان تينع، وحساب الحساب لمخالفات السير اكثر منه البحث عن كاميرات المراقبة بغية المخالفة بعيدا عنها والدلالة انتماء وولاء وثقافة تستصيغ التخلف اكثر، وقد غنت سميرة توفيق مرة «عبي البنزين من دمي يادادا».