خطوات نحو حوار بنّاء للتغيير
دولة الامويين كانت دولة جهاد
برغم ما فيها من فساد
صمدت دولة الامويين اكثر من تسعون عاما(41 -132 هجري) وكانت بيعة المسلمين لمعاوية بتنصيب ابنه يزيد خليفة بعد ابيه هو المسمار الذي وضع في نعش الدولة الاموية لاحقا
نتيجة الخلاف الذي قاد المعارضة فيه الحسين بن علي وعبدالله بن الزبير حيث حينها تحولت الخلافة الاسلاميّة بدلا
من الشورى الى التوريث وهو ما لجأ اليه الرؤساء العرب قبل ربيع العرب الحالي والذي إختلطت فيه الاوراق أيما إختلاط.
وبالرغم من ذلك الخلاف عُرف عن الدولة الامويّة أنها شهدت من الحالات الجهاديّة والفتوحات مما زاد من مساحة الدولة الإسلاميّة الى أوجها وذلك بالرغم من حالات الفساد الكبرى التي
كانت بدايتها الدامية حين قتل عبيد الله بن زياد سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما في زمن اليزيد بن معاوية
وبالرغم من ان هذا العصر الاموي كان زاخرا بالعلماء والفقهاء والذي حاول الامويون فيه المحافظة على نصاعة الاسلام ولكن يبدو أن الإختلاط بالأمم المختلفة الثقافات والاديان في
الاراضي المفتوحة ترك أثرا سلبيا على التصوّر الصحيح للإسلام عند بعض من أبنائه حيث لاحظنا كما يذكر التاريخ
والمؤرخون فظائع كبيرة كتلك التي فعلها الحجّاج بن يوسف الثقفي من ضرب للكعبة بالمنجنيق السلاح الفعّال حينها وقتْله لعبدالله بن الزبير وإرسال رأسه للخليفة الاموي عبد الملك بن
مروان .
ورغم ذلك زخر هذا العصر بإعمار المساجد مثل إعادة بناء المسجد النبوي وتوسعته في المدينة والمسجد الاموي في دمشق والمسجد الأقصى والمرواني في القدس الشريف الذي يقوم على
رعايته الملك عبد الله الثاني بن الحسين من خلال برامج الإعمار الهاشميّة .
وكان من اقوى خلفائهم الوليد بن عبد الملك وكان غرّتهم سيدنا عمر بن عبد العزيز الذي حكم ما يزيد عن عامين بقليل (99-101 هجري) .
ولكن ما مناسبة الحديث عن تلك الحقبة بعد ما يناهز الف وثلاثمائة عام من إنقراضها لا شكّ ان ذلك العهد هو الاقرب الى فترة نشوء الدولة الاسلاميّة بقيادة رسول البشريّة محمد بن عبد
الله عليه الصلاة والسلام وجاء مباشرة بعد عهد الخلفاء الراشدون الذين مات ثلاثة من اربعة منهم قتلا وكان اخرهم
سيدنا علي كرّم الله وجهه الذي لم يولد احد سواه في البيت الحرام وقُتل بيد احد الخوارج هو عبد الرحمن بن ملجم في الاربعين للهجرة .
وتلك أدلّة على أن الفساد الذي وصل حدّ القتل والإنتقام والغدر بسبب الكرسي والحكم إبتدأ في عالمنا الإسلامي منذ وقت مُبكِر ومع أن المسلمين عاثوا فسادا على مرِالسنين إلاّ أن الإسلام
بقي صامدا على مرِ السنين وسيبقى كذلك لأنه دين الله وسيبقى الله حافظا دينه وكتابه القرآن الكريم ما زالت هناك حياة على هذه الارض وأيّا كان حال المسلمين .
ولكنّ الشعوب العربيّة والإسلاميّة عامة والغالبيّة منها والتي كانت صامتة تحرّكت بفعل الجوع والكبت والظلم وهي لم تتحرّك بفعل احزاب أو عقائد وكذلك لم تتحرّك لتستولي على كراسي
أو حقائب كما انها لم تتحرّك لنهب المال العام وإنما تحرّكت للإصلاح وتغيير الحال لحماية المال العام من النهب
والسرقة ولسحق الفاسدين وإجتثاث الفساد ولتحقيق العدالة والمساواة ولتحقيق الديموقراطيّة واحترام الحرّيات واهمها حّرية التعبير واحترام حقوق الإنسان ولوضع الرجل الكفؤ والمرأة الكفؤة
في المكان المناسب وللمشاركة في صنع القرار من خلال تشريعات عادلة ومجالس واحزاب صادقة مع جماهيرها
وقواعدها الشعبية ولتنشئة اجيال على الصدق والجرأة في قول الحقّ والدفاع عنه .
اقول إنّ الجماهير العربيّة لم تلجأ إلى الأساليب الامويّة وقادتها فيما كانوا يشعرون أنه حقهم المشروع والمبرّر لتحقيق مآربهم وكان قادتهم يرتكبون الجرائم بأيدي المُغرّر بهم من العامّة
وقد يتشابه ذلك نسبيا مع حالات القمع التي يقوم بها بعض الزعماء العرب ضدّ شعوبهم المنتفضة بينما انّ الحراك
الشعبي في مختلف الدول العربيّة يأخذ النمط السلمي .
إنّ الحوار هو أساس الإصلاح وإذا سالت قطرة دماء واحدة لا سمح الله تتعقّد الامور وتتضائل فرص الحوار والإصلاح السريع.
اخي جاوز الفاسدون المدى فحقّ العقاب لهم وحقّ الندا
انتركهم يسلبون الحقّ منّا ونحن خرس ولا حتّى صدى
وليس بغيرصمتنا ماضون بلا ضمير ولا دين ولا هدى
فانزع الرحمة من صدرك فليس له نفع مع من لا يُهتدى
اخي ايها الساكت دهراطويلا ارى اليوم موعدنا لا غدى
صبَرنا زمناعلى فسقهم قادرين ولْنكن لهم قدرا موصدا
شتّوا في غيهم امدا طويلا لم يهتدوابهدي عيسى أو محمدا
اغرق سفن الشر بلا هوادة ولا تقبل غير الكرامة والسؤددا
فقد جاوز المفسدون المدى فحق العقاب عليهم وحق الردى
قال تعالى(ان اردت الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب) صدق الله العظيم
المهندس احمد محمود سعيد دبي – 15/7/2011