الغارمات من الفقر إلى السجون..



ظاهرة الغارمات حلقة ضمن مسلسل تمادي المقرضين على المقترضين، فالغالبية العظمي ممن اودعن السجون حصلن على تمويل صغير بهدف تحسين مستوي معيشتهم واسرهم، الا ان ارتفاع تكاليف الاموال ( اسعار الفائدة ) على قروضهم الصغيرة عقدت ظروفهم، وساهم تباطؤ الاسواق التجارية وضعف القدرة الشرائية في عدم قدرتهم على سداد الاقساط الشهرية؛ ما ادي الى ايداع اعداد كبيرة منهن السجون.
المتعارف عليه عالميا وانسانيا ان المستثمر لاسيما اصحاب المشاريع الصغيرة لا يحبس بدينه وانما يتم تصنيفه ائتمانيا بأنه مفلس ويتم دراسة اوضاعه، وفي حال وجود موجودات يتم الحجز عليها وبيعها بالمزاد، ولايتم اللجوء لحبسه لانه هذا الاجراء يفاقم اوضاع المدين اقتصاديا واجتماعيا، وفي حال تقدمه مجددا للحصول على التمويل يتم النظر في وضعه ومدى قدرته على السداد والاسباب التي افضت الى خسارته في المرة الاولى..والاساس ان يعطى فرصة للعمل بدل تلقي الاعانة.
صندوق الزكاة سدد مؤخرا عن اعداد من الغارمات وتم الافراج عنهن، لكن السؤال الذي يطرح لماذا لايتم اصدار تشريع ينصف الفقراء الحاصلين على قروض صغيرة ضمن سقف معين بحيث لايحبس المدين حتى مبلغ عشرة الاف دينار ضمن المشاريع الصغيرة والاكتفاء بالملاحقة المالية.
وفي الاتجاه نفسه لابد من اتخاذ قرارات نقدية تحد من مبالغة صناديق التمويل والشركات التي تنشط في تقديم القروض الصغيرة في اعتماد هياكل فائدة مرتفعة لاسيما وان معظم البنوك المرخصة اسست شركات تمويل لهذا الغرض بتكاليف اموال مرتفعة، لاسيما وان عددا من هذه الصناديق وشركات التمويل تستوفي فوائد كبيرة تتجاوز 20% سنويا من قيمة القرض، علما بأن ارباح المشاريع الصغيرة طرحت لتحسين مستويات الفقراء والمتعطلين عن العمل لا زيادة ارباح الممولين.
هناك مسؤولية مجتمعية تقع على عاتق البنوك والشركات الكبرى في قطاعات مختلفة، ومن هذه المسؤولية اسعاف الغارمات بإطلاق صندوق يدار من القطاع الخاص بحيث يرفد بالاموال ويتم سداد ديون الغارمات والغارمين بسقوف معينة لاعادتهم الى اسرهم للقيام بدورهم في المجتمع.
المسؤولية المجتمعية للشركات يفترض ان تتجاوز ارسال طرود الخير في شهر رمضان المبارك، او جاكيت للطلبة الفقراء خلال فصل الشتاء او الالتحاق بالمدارس، مع حرص غالبية الشركات على نشر اخبار ترويجية في وسائل الاعلام المختلفة عن هذه الاعمال التي يفترض ان تتم بالكتمان حتى لايضار ادبيا من يتلقى هذه المعونات.
الغارمات ظاهرة تؤلمنا وتضعف النسيج الاجتماعي، وهي غريبة عن نواميس الاردنيين..سجن الغارمات والغارمين تشبه عقوبة جسدها الكاتب الانجليزي وليم شكسبير في روايته قبل اربعة قرون ونيف في.. تاجر البندقية..الاساس ان لا يحبس الانسان بدينه وانما ينفذ على ماله.