انطفاء وهج "الطوش النيابية"

سابقا، كانت الأنظار تتسلط على مجلس النواب عندما تقع بين أعضائه مشاجرات أو "طوش" على خلفية قضايا عامة أو خاصة. كانت "الطوشة" النيابية تحتل حيزا كبيرا من الاهتمام الشعبي والإعلامي، وتصبح موضوعا رئيسا بالتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت تشغل الكثيرين اياما بالتحليل والتعليق والمتابعة.
أما اليوم، وبظل الظروف الحالية، والتكرار السابق لـ"الطوش" النيابية، تعوّد المواطن عليها، ولم تعد تلفت انتباهه كثيرا.. وأصبحت "الطوشة" تمر دون اهتمام كبير.. وفي بعض الأحيان لايعرف فيها إلا من كان حاضرا في مجلس النواب وتحت القبة اثناء وقوعها.
اليوم، لم تعد "الطوشة النيابية" خبرا مهما، بل إن الكثير من المواطنين يعتبرونها محاولة من بعض النواب لتسليط الاضواء عليهم، اي "مسرحية" لغايات الاعلام والشهرة ، أو لفت الأنظار عن القضايا المهمة التي تهم المواطن.
اليوم، على النواب أن يفهموا، أن الأمور تغيّرت، وأن ماكان يثير الاهتمام، مثل "الطوش"، أو الاستعراض "التمثيلي" إن جاز التعبير لبعض النواب، أو القدرة الخطابية، لم يعد يثير الاهتمام.
وقد يكون مرد ذلك، لتطورات الحياة، وصعوبة القرارات التي يضطر المواطن للتعامل معها، بشكل يومي، وخصوصا الاقتصادية والمعيشية والتي تفرض اهتماما مجتمعيا من نوع آخر. فهذه الاوضاع والقرارات تتطلب أداء نيابيا متميزا، وهذا ما يشعر المواطن به، ويريده، ولن يقبل بأداء استعراضي، أو مسرحي.. فهذا الأداء ومن كثرة تكراره اصبحت غاياته واضحة ومعروفة ولا تنطلي على المواطن.
من الطبيعي، أن يقيّم المواطن الأداء النيابي بما يحققه من نتائج تنعكس عليه بشكل إيجابي، ولم يعد يهتم بأي شيء آخر، فالتجربة علّمته، فبعد أن كانت "الطوشة النيابية" تتصدر الاخبار والاهتمامات، صارت في آخر السلم.
وبعد، أن كان النائب الذي يملك موهبة الخطابة والقدرة الكلامية يستحوذ على اهتمام المواطن، فقد الآن ذلك. المواطن معني بالنتائج وبالأداء الذي يحقق هذه النتائج، وليس أداء استعراضيا لايحقق شيئا، وتظل معاناة المواطن على حالها، بل تتفاقم.
لذلك، على الكثير من النواب معرفة متطلبات الناس واحتياجاتهم والقضايا الرئيسية التي تؤثر عليهم، والتعامل معها بمنتهى الجدية والاهتمام، بحيث ينعكس ذلك على أدائهم تحت قبة البرلمان.
وعلى من يحب الاستعراض تغيير أسلوبه، بما يتواءم مع قضايا المواطنين، ومشاكلهم، وان يعمل كل ما يستطيع فعلا على تحسين الاوضاع المعيشية والحياتية والمجتمعية للمواطنين.