الشيخ علي الحلبي :فتوى ابو فارس دعوة صريحة للفتنة وباب مفتوح للقتل
اصدر الشيخ علي بن حسن الحلبي ، العضو المؤسس في مركز الامام الالباني المشرف العام على منتدى كل السلفيين بيانا فند فيه الفتوى التي اطلقها محمد ابو فارس احد قيادات جماعة الاخوان المسلمين حول قتلى المظاهرات والاعتصامات مؤكدا فيه ان فتوى ابو فارس دعوة صريحة لاثارة الفتنة وباب مفتوح للقتل.
ولاهمية البيان ننشره كاملا كما حصلت عليه وكالة الانباء الاردنية (بترا):
العلماء ومسؤولية الفتوى...
فتوى قتلى المُظاهرات -نموذجاً-! خَرَجَ علينا بعضُ المتصدّ رين للفتوى -فيما سُمّ يَ بـ(لجنة علماء الشريعة!) -بفتوى في موضوع (قتلى المظاهرات والاعتصامات!) يحكم فيها على مَن مات جرَّاء ذلك بأنه شهيد! وأنَّ مَن لم يكن مُسلماً ومات كذلك فهو -أيضاً- (بمثابة الشهيد)! وهذه الفتوى المنكرة - وبخاصَّة في هذه الأيام والظروف- تمثّ ل دعوةً صريحةً لإثارة الفتنة، بل باباً مفتوحاً للقتل، والتعرُّض له، بدعوى الشهادة، وحُبّ الشَّهادة، وطَلَب الشَّهادة...
ولا يشكُّ (مُسلمٌ) -كيفَما كان- بفضل الشهادة في سبيل الله، وفضل الشهيد، ودرجته عند الله -تعالى- لكن ما عند الله لا يُنال إلّا بطاعته -كما قال نبيُّنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لا بالفَوضَى، ولا بالهَوَى...
فواجبُ العلماء الحقيقيُّ:
تهدئة النُّفوس، وربطها بالمَل ك القُدُّوس -سُبحانه وتعالى- بدلاً من تثويرها وإثارتها، ودفعها إلى الف تَن والم حَن بغير حجَّة، ولا هُدى، ولا كتاب مُنير، وإلى مصير لا تُدرَى نهايتُهُ! وقد روَى البخاريُّ في صحيحه عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّه قال:
اللهُ أعلمُ بمَن يُجاهدُ في سبيل ه، واللهُ أعلمُ بمَن يُك لَمُ في سبيل ه .
وم ن تبويب الإمام البخاريّ في صحيح ه قولُه -رحمه اللهُ-:
(باب لا يُقالُ:
فُلانٌ شهيد).
واعتقادُ أهل السُّنَّة والجماعة قائمٌ على هذا الأصل الصحيح كما قال الإمامُ أبو جعفر الطَّحاويُّ في عقيدت ه -المشهورة-:
ولا نُنزلُ أحداً م ن أهل الق بلة جنَّةً ولا ناراً ولكن:
نرجُو ل مُحس ن هم، ونَستغفرُ ل مُسيئ ه م .
وممّا يُؤيّ دُ هذا المعنى:
ما رواهُ الإمامُ مُسلمٌ في صحيح ه عن عائشةَ أمّ المُؤم ن ين، قالَت:
تُوفّ ي صَب يٌّ، فقُلتُ:
طُوبَى له، عُصفورٌ م ن عصافير الجنَّة ، فقال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-:
أوَلَا تَدرينَ أنَّ اللهَ خَلَقَ الجنَّةَ وخَلَقَ النَّارَ، فخلَقَ لهذه أهلاً، ولهذه أهلاً .
وقد رواهُ الإمامُ ابنُ ح بَّان في صحيح ه ، وعلَّقَ عليه بقول ه :
أرادَ النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بقول ه هذا:
تَر كَ التَّزك يَة لأحد ماتَ على الإسلام، ولئلَّا يُشهَدَ بالجنَّة لأحد وإن عُر فَ منهُ إتيانُ الطَّاعات، والانتهاءُ عن المَزجورات، ليكونَ القومُ أحرصَ على الخير ، وأخوفَ م ن الرَّبّ لا أنَّ الصبيَّ الطّ فلَ م ن المُسلم ين يُخافُ عليه النَّارُ..
.
وفي مُسند الإمام أحمد -بسند صحيح - عن عُمر بن الخطَّاب -رضيَ اللهُ عنهُ-، قال:
لا تُغ لُوا صُدُقَ النّ ساء، فإنَّها لو كانت مَك رُمَةً في الدُّنيا، أو تقوَى في الآخرة ، لَكانَ أَو لاكُم بها النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما أنكحَ شيئاً م ن بنات ه ولا نسائ ه فوقَ اثنتَي عَش رَةَ أُوق يَّةً.
وأُخرَى تَقُولُونَها في مَغاز يكُم:
قُت لَ فُلانٌ شهيداً ! ماتَ فُلانٌ شهيداً ! ولعلَّهُ أن يكونَ قد أَو قَرَ عَجُزَ دابَّت ه ، أو دَفَّ راح لَتَهُ ذَهَباً وف ضَّةً يَبتغ ي التّ جارةَ! فلا تَقُولُوا ذاكُم، ولك ن قُولُوا كما قال محمدٌ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-:
مَن قُت لَ في سبيل الله فهو في الجنَّة .
...
هذا فَه مُ السَّلَف الصَّالح، وهذا حرصُهم، وهذه تقواهُم...
فأين (أولئك) منهُم؟! ولا يَف هَمَنَّ مُتعجّ لٌ م ن هذا التَّوضيح العلميّ العقائديّ عَكسَ المَقصود والمُراد فعدمُ إثبات الشَّهادة لا يَلزَمُ منهُ نَفيُها، وإنَّما الأمرُ مَوكُولٌ -كما تقدَّمَ- بعلم الله -تعالى- للنُّفوس ، والنّ يَّات ...
وأمَّا ما استدلَّ به بعضُ أولئك المُفت ين -غفرَ اللهُ لهم- ممَّا نَسَبُوهُ إلى قول عُمَر -رضيَ اللهُ عنهُ- م ن قول بعض رَعيَّته له:
لو رأينا فيك اعو جاجاً لقوَّمناك بسيوف نا -وإقراره -رضيَ اللهُ عنهُ- لذلك-:
فممَّا لا يُعرَف سَنَدٌ صحيحٌ في كُتُب السُّنَّة! إنَّما تُوردُهُ بعضُ كُتُب التَّاريخ والأدب ممَّا لا حُجَّةَ فيها! وأمّا موضوع (المظاهرات) -جُملةً- ودعوَى إدخال ه في باب (الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر) -كما زَعَمَ بعضُهُم!- فهو ليسَ كذلك -ألبتَّةَ-، بل هو غفلةٌ عن قاعدة الشَّرع الحكيم في تمييز (المصالح المُرسَلَة) -الحَقَّة- م ن (الب دَع) المُحدَثَة -الباط لَة- كما قرَّرَهُ شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّةَ -رح مَهُ اللهُ- في كتاب ه اقت ضاء الصّ راط المُستقيم حيث بيَّنَ -رَح مَهُ اللهُ- أنَّ أيَّ أم ر حاد ث ذي ص لَة بالع بادة قامَ المُقتَضي ل ف ع ل ه في عصر النُّبُوَّة ، ثم لم يُفعَل:
فهو بدعةٌ..
فالغفلةُ عن إعمال هذه القاعدة الشرعيَّة -ومَثيلات ها- يُوقع في دعاوَى عريضة، ومذاهب فقهيَّة فاسدة! بل الواقعُ -في هذا- سار على م ثل معنى قول ه -تعالى-:
وإذا قيلَ لهُم لا تُفس دُوا في الأرض قالُوا إنَّما نَحنُ مُصل حُون فليسَت كُلُّ مُطالبة بالإصلاح مَعروفاً! وليسَ كُلُّ نَه ي عن الإفساد حقًّا! والعبرةُ -أوَّلاً- بالحقائق والبيّ نات، ثُمَّ بالنَّتائج والثَّمَرات، والمصائر والمآلات -ثانياً- لو كانُوا يعلَمُون ..
وفتوَى أئمة الع لم الرَّبَّان يّ ين في هذا الزمان -جميعاً- الإمام الألباني، والإمام ابن باز، والإمام ابن عثيمين -رحمهم الله -أجمعين- على تحريم هذه المُظاهَرات، وما يتبعُها من فوضَى، وف تَن، وم حَن -حتَّى لو ادُّع يَ س لميَّتُها!- بل يَرَى كُلُّ ذي بَصَر وبصيرة آثارَ هذه المُظاهَرات السَّيّ ئةَ في عدد م ن البُلدان العربيَّة هُنا، وهُناك، وهُنالك، و(مَن رَأَى الع برةَ بأخيه فل يَع تَب ر) فالأمرُ كما قال الصَّحابيُّ الجليلُ ابنُ مسعود -رضيَ اللهُ عنه-:
السَّعيدُ مَن وُع ظَ بغير ه فكيفَ الشَّأنُ -إذاً- بمَن لم يتَّع ظ حتّى بنفس ه ؟! بل تَراهُ يدعُو غيرَه إلى الوُقوع في الحُفرة التي أو بَقَ فيها بعضُهُم نفسَه -بنفس ه - دُونَ واز ع، ولا راد ع-! يا عُقلاءَ الأُمَّة -ولا أقُولُ:
عُلماء!- ...
العلمُ أمانةٌ، ورسالةٌ، ومسؤوليَّةٌ ليس العلمُ هَد راً للنُّفوس ، ولا تثويراً للعواط ف ، ولا إيقاعاً للأمَّة في الم حَن والف تَن، ولا جرًّا لها إلى مستقبل مجهول، بفعل غير معقول، وقول غير مقبول...
وهذا التَّأصيلُ -كُلُّهُ- ينبغ ي أن لا يتعارَضَ -أل بَتَّةَ- مع الدَّعوة إلى الإصلاح ، ونَقض الفَساد فاللهُ -تعالى- يقولُ:
ولا تُفس دُوا في الأرض بعدَ إصلاح ها ويقولُ -سُبحانَهُ-:
إن أُريدُ إلّا الإصلاحَ ما استطعتُ وما توفيقي إلّا بالله عليه توكَّل تُ وإليه أُنيبُ .
واللهُ يعلمُ المُفس دَ م ن المُصل ح ، وهو -سُبحانَهُ- المُستعانُ، وعليه التُّكلان.